قطع جلالة الملك عبد الله الثاني في حواره الى الرأي أمس قول كل خطب وخطيب حينما أكد للمرة الاخيرة اننا ذاهبون للانتخابات النيابية ولا رجعة عن اجرائها مهما كلف الثمن واضعاً في حوار نرى انه الأهم تصور جلالته النهائي لشكل الاصلاح بإسهاب بالغ وبشرح وافٍ شافٍ لكل مواطن .
جلالته في اجابته على الكثير من التساؤلات لم تغب عنه شاردة ولا واردة وكان حاضر الذهن العارف بتفاصيل دقيقة كنا للحظة نظنها ذهبت بين ملفات ملك يحمل هم الامة ومستقبلها الا انه كان الاكثر اطلاعا على كل ما يخطر بخلد اي اردني واردنية.
الملك لم يقف عند نقاط طرحت يوماً على استحياء بل بدا جلالته مطلاً على دقائق الامور يعلمها ويبحثها ويتعامل معها بكل صدر رحب وهو المسؤول الاول عن وطننا ودستورنا وكل ما يجيش في نفوس ابناء الوطن بكل مشاربه وفئاته ومنابته الطيبة.
قد تكون مكامن الحوار مع «سيدنا» حيث يحلو لنا جميعاً ان نسميه .. انه متفائل ومطمئن على مستقبل الاردن ومواطنيه واقتصاده ومستقبله السياسي ، فما بين السطور يلمس القارئ عدة مفاصل رئيسة ليست خارطة طريق فحسب انما خطة شمولية وانموذجاً للاصلاح في خصوصيته الاردنية .
الملك وفّر في خطابه الحواري ارضية خصبة ومناسبة يجب استغلالها للسياسيين من معارضين وغير معارضين للبناء الخلاق على ارضية بعيدة عن التصيد واليأس والاحباط واستغلال المزاج العام المتأثر بمحيطه ، وصولاً الى غاية سامية هي خدمة الوطن لا التربص والاستعلاء واستغلال الفرص وقنص الكلمات والمواقف بغية خدمة المجهول او المحرك الخارجي الذي لا يريد للاردن واهله الخير مهما بدت انتقاداته كأنها وطنية محركها ذاتي .
جلالته كان السباق دون مواربة في رسم الخط الاصلاحي للبلاد في ترسيمه لحدود المرحلة التي قال لنا انها «اجتهاد شخصي» من لدن جلالته ويطرحها للحوار القابل للنقاش دون ان يطغى صوت عال على اغلبية مريدة او مجاميع صامتة همها الاردن اولا واخيراً كما هو الملك الذي استمعنا اليه على مدار وقت خصصه للراي والجوردان تايمز ليصل الى كل الناس ويشاركوا في صياغة مستقبلهم لا يتلقونه ولا يعرفون خلفه وخلفياته.
اعتبر الملك الانتخابات محطة لا نهاية لخارطة الطريق الاصلاحية التي يريدها ، ورأيناه مسرعاً أكثر من كل الاصلاحيين الذين يملأون الساحات صخباً امام كاميرات الشرق والغرب نحو الحكم الرشيد الذي يضمن حرية المواطن مطمئنا على سلامة بلده وابنائه ومستقبل اجياله في كل محفل وزاوية وحارة.
حديث الملك الجامع الشامل والوافي لم يترك صغيرة او كبيرة الا شخّص علاجها ، وصنف خانتها ووضع طريقة انتهاء خطبها دون المساس بالشرعية ولا بكرامة الامة ..
ففي الموضوع السوري او الفلسطيني يلحظ القارئ الكريم كم كان الملك عروبياً اصيلاً وهاشمياً قولاً وفعلاً، همّه نحن، وسهره نحن، وامنه نحن، ومراده للعرب والمسلمين نجاة من غرق او خروج بعقلانية دون ضياع او فوضى ..
همّ الملك كان اردنياً منذ لحظة بدء الحوار الى نهايته رغم ما كتم من غيظ، وكانت عمان ومحافظات الوطن والاردنيين في عينيه ترى كل مطلب او هم او حاجة في ثناياها .. متفائل يده ممدودة لكل محب ومخلص وفي برنامجه الكثير من المفاجآت التي لمسناها قادمة على اجندته المستقبلية ونعتقد ان من يقرأ جلالته جيداً يرى بالفعل ان ثمة شيئاً في جعبته قد لا يفصح عنه للعامة ، ففي ثنايا الكلام ما ينشر وما لا يمكن الافصاح عنه علناً من فرح وجروح .. لكن الخلاصة في اننا مطمئنون من المستقبل مع عبد الله الثاني الملك والانسان وابن ترابنا وجيشنا وامننا وحِسُنا النابض برؤيته ورؤاه معاً على طريق الاستقرار والحياة الافضل.
samhayari@gmail.com
عن الراي والكاتب رئيس تحريرها.