"الدولي الجمهوري": قانون الانتخاب فرصة ضائعة للإصلاح
03-12-2012 06:32 PM
عمون –أظهر تقييم أجراه المعهد الدولي الجمهوري (IRI )ان التغييرات الأخيرة التي طرأت على الإطار الانتخابي ضيَّعت فرصة لإحداث إصلاح بالرغم من ان بعض التغييرات كانت إيجابية.
وبين التقييم ان قانون الانتخاب يتصدِّي للتحديات الأساسية التي تعترض سبيل الإصلاح السياسي ،ما أدى إلى شعور العديد من الجهات المعنية بخيبة الأمل. ومن أبرز هذه التحديات ما يأتي:
•استمرار العمل بنظام الصوت الواحد غير المُتحوِّل في الأردن يضمن استمرار انتخاب غالبية النواب على أُسس عشائرية بحيث يحظى المرشحين المستقلين المدعومين عشائرياً بفرصة أكبر من المرشحين الحزبيين أو المدعومين من الأحزاب السياسية.
•الحق القانوني للحركات السياسية والمرشحين المستقلين في التنافس مع الأحزاب السياسية على قائمة وطنية بواقع 27 مقعداً لا يُشجِّع مشاركة الأحزاب السياسية إلى الدرجة التي قد يحققها نظام مُقتصر على الأحزاب.
•لم تتم معالجة قضية العدد غير المتساوي للأصوات لكل نائب بعد، حيث تراوح هذا العدد في عام 2010 من مقعد واحد لكل 7.500 ناخِب إلى مقعد واحد لكل 46.000 ناخِب، الأمر الذي يؤدي إلى عدم توزيع المقاعد المُخصَّصة بشكل عادل.
ولفت إلى ان ثمَّة تغييران لهما تأثير إيجابي؛الأول هو تغيير طرأ على الدستور عام 2011 ونصّ على إنشاءالهيئة المستقلة للانتخاب وذلك للمرة الأولى في تاريخ الأردن. والتغيير الثاني هو أن قانون الانتخابات الجديد يُخصِّص 27 مقعداً على أساس قائمة نسبية جديدة يتم انتخابها على مستوى الوطن وليس على أساسالدائرة الانتخابية، مما يُحسِّن من إمكانية تطوير كُتل برلمانية تلقى قبولاً على المستوى الوطني.
وبين الاستطلاع إلى ان هناك مخاوف لدى المواطنين الأردنيين بشأن الانتخابات المقبلة حيث تباينت آراء المواطنين حول إذا كان قانون الانتخابات الجديد أفضل من القانون السابق بالإضافة إلى فرص تضمن الهيئة المستقلة للانتخاب إجراء عملية انتخابات نزيهة وشفافة.
واضاف الاستطلاع ان نجاح الانتخابات النيابية المقبلة يتوقف على مدى عزم الحكومة الأردنية في منع التدخل في عمل الهيئة وفي العملية الانتخابية بشكل عام.
نتائج التقييم :
وكان النقد الذي يُؤخذ على الهيئة في معظم الأحيان متعلقاً بكيفية تعامل المؤسسة مع قضايا التسجيل الجماعي. وتحديداً، استمع أعضاء الفريق عدَّة شكاوى حول التسجيل الجماعيّ، والذي يتجلَّى بعدَّة طرق.
فعلى سبيل المثال، استمع الفريق لحالات عديدة لبعض أفراد الأُسرالذين يُسجِّلون أعضاء أسرتهم، وهي عملية رغم قانونيتها بموجب القانون الأردني، إلا أنه يمكن أن تتحوَّل بسهولة إلى احتيال أو تسجيل الأفراد بما يخالف إرادتهم. كما تناهى إلى مسامِع أعضاء الفريق مزاعِم بأن المرشَّحين، من خلال وكلاء، يُسجِّلون ناخبين مُؤهلين في مجتمعهم، ويحتجزون بطاقاتهم الانتخابية كأداة ضغط، وذلك إما من خلال دفع مبلغ من المال للناخبين مقابل التصويت بطريقة مُعيَّنة أو إتلاف بطاقات التسجيل في حال وافق الناخب على دعم مُرشَّح مُعيَّن أو مُرشَّحين معيَّنين.
على الرغم من أن الهيئة حظيت بمصداقية حتى الآن، إلا أن التقييم وجد بأنه ما يزال هناك قلق بشأن كيفية ارتباطها بالسلطات الحكومية الأخرى، مثل الشرطة أوالقضاء أو السلطات البلدية، وعدم قدرة الهيئة على ممارسةضغط لاتخاذ إجراء فعليمن أجل حلِّ المشاكل. وقد تم إبلاغ الفريق بأن هناك عزوف من جانب هذه الهيئات الحكومية الأخرى عن التعاون مع الهيئة وذلك بسبب الحد من نطاق نفوذهذه الجهات الحكومية.
نظرا للوقت القصير نسبياًوالمتاح لأن تقوم الهيئة بالتحضير للانتخابات، طُلِب من اللجنة أن تحتفظ ببعض أفراد كادر وزارة الداخلية الأردنية، والتي كانت تدير الانتخاباتفي السابق، للمساعدة في الإدارة الفنية للعملية. وعلى الرغم من أن الهيئة تستحق الثناء على إنجاز عملية التحضير للانتخابات في فترة وجيزة، إلا أن استقلالية اللجنة قد تكون موضعاً للشكّ إذا أصبحتتعتمد بشكل كبير جداً على كادر وزارة الداخلية.
وأخيرا، فيما يتعلق بالهيئة، فإن عدم تقديم التدريب للموظفين هو مجال يثير القلق، إذ قامت إحدى مجموعات المجتمع المدني التي تشارك في المراقبة المحلية بإجراء دراسة استقصائية أظهرتأن هناك ما نسبته 53 في المائة من أفراد كادر دائرة الأحوال المدنية والجوازات المشاركين خلال عملية تسجيل الناخبين لم يتلقوا أي تدريب قبل فترة التسجيل. وعلى الرغم من ذلك، ينبغي الثناء على الهيئة لهدفها الطموح المتمثل بتدريب 24.000 فرد يعملون في مراكزالاقتراع قبل بدء الانتخابات.
أما بشأن قانون الانتخابات، هناك معارضة صريحة تعتبر التغييرات الأخيرة في الإطار الانتخابي لم ترقَ إلى مستوى الإصلاحات المطلوب إحداثها في الأردن. ودعا عدد من الجماعات السياسية، بمن فيها أبرزهذه الجماعات حزب جبهة العمل الإسلاميالحزب السياسي لحركة الإخوان المسلمين، إلى مقاطعة الانتخابات المزمع عقدها في 23 يناير/كانون الثاني المُقبِل، مُتهمين القانون الانتخابي الجديدبأنه يكرّس الوضع الراهنمن خلال ضمان الاستمرار في انتخاب معظم النواب على أسس عشائرية. وجاءت هذه الدعوة لمقاطعة الانتخابات تحديداً بسبب استمرار سريان نظام الصوت الواحد. وتلحظ بعثة التقييم التابعة للمعهد الجمهوري الدولي الفرصة الضائعة لإعادة النظر في نظام يشترط عدداً متساوياً من الناخبين لكل مقعد في الدوائر الانتخابية، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى برلمان أكثر تمثيلاً.
وأما الفرصة الضائعة الأخرى في قانون الانتخابات فقد كانت تعزيز الأحزاب السياسية، وتُشكِّل هذه القضية حجر الزاوية في رؤية الملك عبد الله الثاني لأردن أكثر ديمقراطية. وعلى الرغم من زيادة عدد مقاعد القائمة من 17 مقعد إلى 27 مقعد، إلا أن الحق القانوني للحركات السياسية والمرشحين المستقلين للتنافس مع قوائم الأحزاب لا يُشجِّع مشاركة الأحزاب السياسية إلى الدرجة التي قد يحققها نظام مُقتصر على الأحزاب.وبالإضافة لذلك، إذا أراد الأردن تشجيع انتخاب برلمان أكثر تمثيلاً، فإنهيجب أن يكون عدد المقاعد التي يتم انتخابها من القوائم الوطنية النسبية يُشكِّل نسبةمن المقاعد أعلى من النسبة الحالية البالغة18 في المائة.
وتم إبلاغ فريق التقييم بأن قانون المطبوعات والنشر الجديد كان محاولة من قبل الحكومة لتكميم الأفواه، رغم أنه لا يزال منالمنتظر رؤية تأثير هذا القانون الجديد على تغطية العملية الانتخابية أو الحملات الانتخابية. وضمن هذا السياق، يجب أن توفّروسائل الاعلام الرسمية في الأردن وقتاًمتساوياًلجميع المرشحين على الهواء، ولكن لا توجد لوائح تنصُّ على وقت بثِّ تصريحات المرشحين على الهواء، الأمر الذي يترك العملية مفتوحة للمحسوبية (الواسطة) ويمكن أن يتم تفضيل بعض المرشحين بشكل غير عادلبمنحهم تغطية في ساعات ذروة المشاهدة. وقد يكون لإساءة استخدام وسائل الإعلام بهذا الشكل عواقب سلبية مباشرة. فعلى سبيل المثال، أخبرت أحد مجموعات المجتمع المدني الفريق بأن وسائل الاعلام الرسمية تقوم بتوظيف حملة سلبية تستهدف أولئك الذين يقاطعون الانتخابات، وأن وسائل الإعلام الخاصة تذيع الآن إعلانات لمرشحين،وهو أمر يُشكِّل انتهاكاً لقانون الانتخاباتالذي ينصُّ على أن الحملات الانتخابية لا يمكن أن تبدأ إلا قبل شهر من الانتخابات.
وقد فشل قانون الانتخابات لعام 2012، مثل القوانين التي سبقته، في التصدي بشكل كافٍ لمسألة التمويل الحكوميللحملات الانتخابية. وقال عدد من المعنيين أن عدم وجود حدّ أعلى للإنفاق على الحملات الانتخابية يمكن أن يخلق مشاكل أثناء فترة الحملة الانتخابية الرسمية.
وفي ملاحظة أخيرة، لاحظ الفريق اختلافاً ملحوظاً في الرأي بين الناخبين في المناطق الريفية والناخبين والمُحلِّلين والجهات المعنية السياسية في العاصمة. وخلال اجتماع عُقِد في مكتب خدمة الجمهور في محافظة عجلون، وهي مدينة تبعد تقريباً مسافة ساعتينبالسيارة إلى الشمال من عمان، استمع الفريق لتجربة أكثر إيجابية من المواطنين الذين يعتزمون المشاركة في الانتخابات والذين شهدوابأنهم وأفراد أسرهم قد سجلوا جميعاًللإدلاء بأصواتهم بمحض اختيارهم. وعلى الرغم من ذلك، أعرب بعضهمعن قلقهممن أن هناك مساءلة أقل باستخدام نظام القائمة الوطنية مقارنة بالصلات الأقوى التي تنشأ بين النواب والناخبين في الدوائر الانتخابية.