في زمن يزعم فيه عادة كل تنظيم أو كيان استهدافه من قبل أعداء الداخل والخارج ، حسدا على استقراره السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وسعيا لخلخلة بنيته القوية ، وإلحاق الأذى بمشاريعه الوطنية ، والاعتداء على حرمة سيادته وكرامته .. في هذا الزمن تبين لي أن صديقي " أبو .... " وهو مواطن أردني عادي جدا ، كغيره من ملايين الأردنيين ، يكد ويكدح ، يأكل ويشرب وينام ، ويقرأ الصحف ، ويتمنى أن يعم الخير كل جهات العالم دون استثناء ، أقول تبين لي أن صديقي تم استهدافه ، لا من قبل وكالة الاستخبارات المركزية CIA الأمريكية ، ولا من الموساد أو الشين بيت الإسرائيلي ، بل من قبل جهات أمريكية وأخرى بريطانية ، وأخرى من قبل دولة من دول غرب أفريقيا .
استهداف صديقي " أبو .... " لا يمت إلى السياسة ، ولا إلى أي سبب مما ذكرته سابقا . فقد استهدفت بريده الإلكتروني رسائل ( إيميلات ) تزف له البشرى بفوزه بمئات الألوف من الدولارات الأمريكية ، أو الجنيهات الإسترلينية ، فهي تخبره بأنه واحد من مجموعة محدودة العدد جدا ممن حالفها الحظ بالربح الوفير . وما عليه إلا أن يرسل اسمه كاملا ، وتاريخ ميلاده ، وحالته الاجتماعية ، وعدد أفراد أسرته ، ومهنته التي يعمل بها منها و .. غير ذلك ، كما تخبره الرسائل الإلكترونية أن الوقت ضيق ، وعليه أن يسارع بإرسال المعلومات المطلوبة .
صديقي طيب القلب ، لكنه ليس بالساذج ، فقد تراقصت أمام عينيه - كما أخبرني - شارات استفهام وتعجب من شتى الأحجام والألوان . صحيح أنه زار العديد من دول العالم الأوروبية والأمريكية والآسيوية ، إلا أنه لا يشتري ولا يؤمن بأوراق اليانصيب ، ولا بالمسابقات ، فقد جرب حظه فيها منذ عقود ، وعرف أن الود بينها وبينه مفقود . كما تساءل من أين حصلوا على اسمه ؟ وبريده الإلكتروني ؟ ولماذا هو بالذات من بلايين البشر؟ وعجب جدا لكثرة المعلومات المطلوبة منه ، حيث تبدو كمعلومات لطالب زواج من عائلة ذات حسب ونسب ، أو لجواز سفر للمرة الأولى ، أو لشهادة حسن سلوك من الجهات الأمنية .
كانت الأسئلة أكبر واكثر من أن يجد صديقي لها إجابات شافية فقام بضغط شارة واختصر الأمر وحسمه . بقي أن أخبركم أنني استلمت بالأمس رسالة مماثلة من بريطانيا ، ويبدو لي أن الأفاق الذي أرسلها أدرك فشله مع صديقي " أبو .... " ووجدني البديل المناسب ، لكن هيهات فكل الحواسيب يوجد بها شارة .
haniazizi@yahoo.com