عن المبدع الأردني ودور الدولة
02-12-2012 04:20 PM
عمون - سألني أستاذ جامعي هنا في القاهرة عما إذا كنت أردنيا فقلت نعم. قال: لا بد أنك قرأت هذه الرواية. وأبرز لي رواية اسمها «دفاتر الطوفان» لكاتبة لم أسمع بها من قبل اسمها سميحة خريس.
- لا لم أقرأ هذه الرواية. أنا من الأردن نعم.. لكن أنا مقيم في الخارج منذ ولادتي.
- ولم تقرأ روايات أو كتبا من الأردن.
- لا... لم أر روايات لكتاب أردنيين هنا قط.
- خد.. بس خلي بالك.. دي عليها إهداء، يعني لازم ترجعها.
- حاضر.
للعلم: أنا قارئ نهم، وتحتل الروايات من كل أنحاء العالم أكثر من ثلاثة أرباع ما أقرأ.
سنحت لي فرصة فريدة في زيارتي للأردن خلال الأيام السبعة الماضية، حيث رتب صديق رائع لي هناك لقاء مع هذه الكاتبة المبدعة.
مبدعة نعم... لم أقرأ لها سوى رواية واحدة، لكنها كانت كافية لأصدر حكمي بأن كاتب هذه الرواية يملك قلما مبدعا ويبذل كثيرا من الجهد في البحث.
دار بيني وبينها حديث مهم للغاية عن الأدباء الأردنيين والمنابر والفسح المتاحة لهم للحديث والانتشار وعرض إبداعاتهم. في القاهرة أقرأ لكثير من الأدباء والكتاب، وأستطيع بيقين تام أن أقول إن كاتبتنا (التي قرأت لها رواية واحدة حتى الآن) أفضل من كثير منهم. لكن للأسف لا يتاح لمثلها الفرصة التي تناسب موهبتها وقلمها للظهور ولتبؤ المكانة التي تستحقها في الأوساط الأدبية العربية.
لكن على من تقع المسؤولية؟ في البداية لا بد من الإشارة إلى أن الأردن بلد صغير وإمكاناته محدودة وبالتالي لا تسلط عليه كثير من الأضواء.. على الأقل في الجانب الثقافي والإبداعي الفني.
وربما يُحَمِّل هذا الكاتبَ/المبدعَ قدرا من المسؤولية لأن عليه أن يبادر وأن يروج لعمله وأن يبذل من الجهد ما لا يضطر الكاتب في مصر مثلا إلى أن يقوم به.
لكن يتبقى دوما دور للدولة عليها أن تقوم به. فالمبدع، في تقديري، يمثل الأردن خيرا من أي دبلوماسي. فهو الوجه الاجتماعي الإنساني لهذا البلد المليء بالتفاصيل السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وهو الضمير الحر الذي يصوغ هذه التفاصيل في قالب يخاطب الروح والعقل معا.
ولا بد أن تتحرك الدولة بصورة أكبر من خلال الوسائل المتاحة لها كي تتيح لأبنائها المبدعين فرصا أكبر للظهور. فالشعراء والمبدعون هم دوما درر التيجان فوق رؤوس أي أمة. وانظروا كيف تتباهى مصر بنجيبها وكيف تتباهى الهند بطاغورها وكيف تتباهى باكستان بإقبالها (الذي قضى قبل أن يرى باكستان).
تساءلت والسيدة خريس عن السبب الذي يجعل الملحقيات الثقافية للسفارات الأردنية مثلا لا تؤدي مثل هذا الدور. أليس هذا جزءا من عملها بالإضافة إلى مساعدة الطلاب في شؤونهم في الخارج؟
السؤال هنا مهم للغاية يا جماعة... الأردن ليس سياحة وسياسة واقتصاد فقط...
في الأردن إنسان يبدع. "الرأي"
* سيف الدين حمدان
*صحفي أردني مقيم في القاهرة