هل سيحصل الأردن على الدفعة الثانية من قرض الصندوق قبل نهاية العام ؟
02-12-2012 04:59 AM
عمون - تتجه معظم الأنظار نحو الزيارة المرتقبة لبعثة صندوق النقد الدولي إلى المملكة المتوقعة خلال أيام. ذلك أن من شأن هذه الزيارة تحديد فيما إذا كان الأردن مؤهلا لتسلم الدفعة الثانية من قرض الصندوق فبل نهاية العام وبقيمة تتجاوز 400 مليون دولار.
أهمية حصول الأردن على القرض لا تتوقف عند الـ400 مليون دولار، بل تمتد إلى كونها صك شفاء أو براءة تحتاجه الحكومة الأردنية في مسعاها للحصول على مزيد من القروض الخارجية والمعونات الاستثنائية.
ففي خضم الأسبوع المنقضي، بدأت التسريبات تشير إلى احتمالية تأجيل إصدار السندات الأردنية الأجنبية، فيما تم تحليله من بعضهم على انه رغبة من الدائنين بانتظار نتائج الزيارة المرتقبة لبعثة صندوق النقد الدولي إلى المملكة.
يبقى السؤال الأبرز حالياً على الساحة المحلية: هل سيحصل الأردن على قرض الصندوق؟
الإجابة عن هذا السؤال تحتاج إلى مقارنة بين ما يطلبه الصندوق كجهة دائنة وبين ما قامت به الحكومة الأردنية من اجراءات خلال الأشهر القليلة الماضية.
بيد أن الإخفاء غير المبرر الذي تستمر به الحكومة عن فحوى برنامج التصحيح الاقتصادي المبرم مؤخرا مع الصندوق يزيد من صعوبة اجراء هذه المقارنة والوصول بالتالي إلى إجابة دقيقة للسؤال موضع البحث.
من هنا، وبهدف تجاوز الإشكالية السابقة، سوف يتم الاستناد إلى جملة من التقارير الدولية الصادرة عن الصندوق ومسؤوليه بغية الوصول إلى توقع دقيق فيما إذا كان الأردن سيحصل فعليا على القرض المزمع من الصندوق قبل نهاية العام.
قامت الحكومة الأردنية مؤخرا وبهدف حل مشكلة العجز و احتواء تفاقم المديونية برفع الدعم عن مشتقات النفط مقابل حزمة تعويض نقدي لمن اعتبرتهم "مستحقين".
بشكل غير رسمي، ألمح مسؤولون إلى أن اتخاذ هذه الخطوة جاء بهدف الحصول على قرض الصندوق قبل نهاية العام بل وبضغط مباشر من الأخير.
بالمقابل، يقول النائب الأول لرئيس صندوق النقد الدولي في محاضرة له عن دول الشرق الأوسط بتاريخ 13 تشرين الثاني 2012 إن رفع الدعم بصورته الحالية في هذه الدول يجب أن يتبعه ما يلي:
أولاً، تحرير الأموال المنفقة على الدعم ومن ثم توجيهها إلى مشاريع البنية التحتية والصحة والتعليم.
وثانياً: تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي وتحديثها بهدف حماية الطبقات الأكثر فقرا.
فيما يخص النقطة الأولى، لم تقم الحكومة الأردنية باستغلال حصيلة رفع الدعم في الصحة أو التعليم أو مشاريع البنية التحتية، بل إن الاستخدام الوحيد لهذه الأموال جاء في تخفيض العجز وبالتالي تمويل النفقات الجارية.
أما فيما يتعلق بالنقطة الثانية، فقد انخفض إنفاق الحكومة في العام 2012 على المعونات الاجتماعية بواقع 100 مليون دينار مقارنة بنفس الفترة من عام 2011. هذا الانخفاض بالترافق مع بقاء الرقم 0 مهيمنا على بند شبكة الحماية الاجتماعية في نشرة وزارة المالية ما سيشكل نقطة ضعف أمام مطالبات الصندوق الداعية إلى عكس ذلك.
يزيد من مشقة الحكومة في الحصول على تمويل الصندوق عوامل اخرى مثل اتساع عجز الموازنة هذا العام إلى ما قد يفوق الـ 3.5 مليار دينار، بالإضافة إلى ما طرأ مؤخراً على احتياطات الدولار لدى البنك المركزي من انخفاض نتيجة للتصريحات غير الدقيقة من قبل مسؤولين حكوميين.
من ناحية اخرى، سيقوم الصندوق بلا شك بمعاينة حزمة التعويض النقدي التي أعقبت قرار رفع الدعم والدراسات الحكومية التي بنيت عليها وبالتالي ما قد يترتب على خطوة رفع الدعم من اثار إيجابية وسلبية على ميزانية الدولة من جهة ونسب النمو الاقتصادي من جهة اخرى.
كل هذه العوامل وغيرها ستؤثر في قرار الصندوق بقبول او رفض منح المملكة الدفعة الثانية من القرض هذا العام.
الأكيد في الموضوع أن مهمة الحكومة ستكون شاقة وحساسة خصوصاً مع ارتفاع وتيرة الاحتجاجات في الشارع وازدياد منسوب القلق العام حول المستقبل الاقتصادي.
نرجو للحكومة التوفيق في مسعاها، مع مطالبتها في الوقت ذاته بضرورة الكشف عن تفاصيل برنامج التصحيح الاقتصادي المبرم مع الصندوق، وذلك بهدف تمكين المحلل والمواطن و المستثمر من تحقيق قراءة افضل للمستقبل على الصعيدين الاقتصادي والسياسي.
العرب اليوم - عبد المنعم عاكف الزعبي