المرأة الأردنية تتعرض لعنف متعدد الألوان
01-12-2012 10:24 PM
عمون - قالت خبيرة الأمم المتحدة لشؤون المرأة السابقة في الأردن رنا شاور إن المرأة الأردنية تتعرض لعنف متعدد الألوان، مع الافتقار إلى أرقام وإحصائيات تؤشر على حدود المشكلة.
وأضافت في حوار مع "الراية" أن جرائم الشرف تراجعت كثيراً في السنوات الثلاث الأخيرة موضحة أن هناك أسباباً أخرى تقف وراء هذه الجرائم منها الميراث والتغطية على الحمل السفاح.
وفي معرض ردها على سؤال يتعلق بالعنوسة في الأردن قالت السيدة شاور إن هذه ليست ظاهرة في الأردن مع انها أكثر من حالة، مشيرة إلى وجود أسباب عديدة لها مثل ارتفاع المستوى التعليمي للفتيات.
أما بخصوص تعدد الزوجات فقالت شاور إن تحقيق شروط التعدد ليس سهلا موضحة أن هناك نساء يرفضن أن يكن "ضرة" ويوافقن على البقاء دون زواج ما دمن مكتفيات اقتصاديا.
وشددت الخبيرة شاور على أن ازدياد نسب الطلاق هذه الأيام هو الانفتاح الإلكتروني بدون ضوابط، وما يتبع ذلك من حالات يصعب معالجتها.
والى نص الحوار:
> كيف تنظرين إلى ظاهرة العنف ضد النساء في المجتمع الأردني؟
- لا أعتبره ظاهرة فهو أقل من ظاهرة وأكثر من حدث عابر، وأظن أن غياب الأرقام الرسمية بهذا الصدد يحول دون معرفة الوضع الحقيقي للعنف ضد النساء في الأردن، إذ أن حالات كثيرة مثلا لا يتم التبليغ عنها ناهيك عن ضعف التنسيق بين الجهات المعنية في هذا المجال، لكن لا بد من الاعتراف أن المرأة في الأردن تتعرض- كأي امرأة في العالم- إلى عدة أشكال من العنف منها الجسدي والجنسي والمعنوي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
> ما الحلول والوسائل المتبعة في الأردن للحد من هذه الظاهرة؟
- هناك جهود رسمية وغير رسمية واضحة لمكافحة جميع أشكال العنف ضد المرأة لكننا لانزال بحاجة لتكثيف العمل فيما يختص بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في الحياة العامة، هناك قوانين بفعل جهود المؤسسات النسوية وحقوق الإنسان تم تعديلها أو إضافتها لتنصف المرأة وقد منحتها مزيدا من العدالة إلا أننا بحاجة إلى مزيد من الجدية في تفعيل وتطبيق القوانين على أرض الواقع والمزيد من العمل لدمج قضايا المرأة في الخطط الوطنية والاستراتيجية على مستوى المملكة.
> لماذا بات خبر جرائم الشرف يتكرر كثيرا في وسائل الإعلام الأردنية ؟
- هذا النوع من الجرائم تراجع في الأردن خلال السنوات الثلاث الماضية بشكل كبير بسبب الإجراءات التشريعية والقضائية وارتفاع الوعي الاجتماعي، فلم يعد بحسب التعديلات على القوانين باستطاعة القاتل الاستفادة من حالات العذر المخفف مثلاً، وهو ما كان سببا في استسهال الجريمة، وبالرغم من ذلك تطفو أحيانا أخبار عن جرائم الشرف وفي الفترة الأخيرة في أقل من أسبوعين ذكرت الأخبار ثلاث جرائم لكنها جميعا لم تستفد من الأعذار المخففة، وأؤكد لك أن كثيراً من جرائم الشرف تكون لأسباب أخرى مثل الطمع بالميراث أو خلاف عائلي أو محاولة إخفاء جرائم السفاح وغيرها ثم تتهم الضحية بسوء السلوك ليتهرب المجرم من العقاب. ولاتزال الأرقام الرسمية فيما يتعلق بجرائم الشرف غير متطابقة مع تلك التي تقدمها منظمات المجتمع المدني.
> تحدثت في صفحتك على الفيس بوك عن ظاهرة زنا المحارم "السفاح" ما حجم هذه الظاهرة في الأردن؟
- أيضا أتوقف هنا عند كلمة ظاهرة، هي ليست ظاهرة بالتأكيد، لكنها جريمة مركبة وخطيرة وتستحق أقصى العقوبة فهي تدمر البيئة العائلية وتضع الضحية في مأزق نفسي لا يمكنها الانحلال منه، وليس سرا أن جرائم بداعي الشرف كان وراءها زنا المحارم ليخفي المجرم جريمته. لذلك تبرز أهمية تعزيز الجانب الأخلاقي والديني في المجتمع والتوعية الجنسية الممنهجة منذ الصغر وتتحمل المدرسة والإعلام مسؤولية كبيرة في هذا الشأن بتشجيع الفتيات على البوح بدل الصمت والاستسلام وتسليحهن بالمعرفة، هناك قصص تطفو على السطح بين فترة وأخرى لكن كذلك فإن الأرقام الرسمية غير محددة.
> ما رؤيتك لمستوى ظاهرة العنوسة في المجتمع الأردني ولماذا برأيك اتسعت هذه المساحة؟
- ليست عنوسة وأرفض هذا اللقب الجائر، هناك ارتفاع ملحوظ في سن الزواج بين الجنسين وأرى السبب هو ارتفاع المستوى التعليمي والعلمي للفتيات ورغبتهن في استكمال مسيرتهن المجتمعية والمهنية لذلك أصبح التطلع إلى الارتباط بمن يناسب طموحاتها ومواز لمستوى الوعي الذي تمتلكه، ناهيك عن امتلاكهن في الأغلب للقوة الاقتصادية التي تجعلهن قادرات على الاعتماد على أنفسهن ويغلّبن مساعدة عائلاتهن على الزواج، لكن هناك أيضاً مشكلة عندما يمنع ولي الأمر الفتاة من الزواج لسبب أو لآخر وأحد تلك الأسباب هو الاستفادة من راتبها الوظيفي.
أما بالنسبة للذكور فإن ارتفاع تكاليف الزواج وتكاليف المعيشة نظرا لازدياد حجم البطالة وتدني الدخول جعل فئة كبيرة غير قادرة على الارتباط، لكن قضية تأخر سن الزواج باتت مقبولة بسبب تغير المعطيات الاجتماعية والاقتصادية ككل، مع ذلك يرى مختصون أن ذلك يؤثر على البنية الديمغرافية للمجتمعات والخوف كذلك من الكبت وتراجع الأخلاقيات، وهذا صحيح.
> هناك من يطرح تعدد الزوجات حلا لهذه المشكلة ما تعليقك على ذلك؟
- هناك شروط لتعدد الزوجات فرضها المنظور الديني كالعدل والقدرة على الإنفاق، والتوجه لهذا التطبيق بشروطه الصحيحة ليس سهلاً، فإذا كان الشاب لا يستطيع الزواج من واحدة، فهل المتزوج والملتزم بمصاريف أبنائه وبيته قادر أيضا على إنشاء عائلة جديدة، في ظل الظروف الحالية؟، كما أن كثيرات يرفضن الزواج من متزوج لما يتسلحن به من ارتفاع مستوى التعليم وامتلاكهن راتباً يمكنهن من تسيير أمور حياتهن ما يغنيهن عن الاعتماد على رجل متزوج والعيش مع ضرة، فالضرّة مُرّة أليس كذلك؟.
> ما مخاطر الزواج المبكر هذه الأيام؟
- الزواج المبكر آفة، يعود بنتائج صحية واجتماعية سلبية على الفتاة، ونفخر في الأردن بتراجع نسب الزواج من هذا النوع لارتفاع نسبة التعليم مقارنة بدول عربية كثيرة، إضافة إلى تعديل القانون الأردني مؤخراً بمنع زواج الفتيات الأقل من 18 عاما وهذا وضع حدا لمشاكل كثيرة.
> ماهو تفسير الارتفاع الحاد في نسبة الطلاق في الأردن؟
- ليس في الأردن فقط، هذا مايحدث على مستوى العالم العربي وحتى العالمي ككل، وأؤكد لك أنه لا يمكن أن يكون خيار المرأة الأول، لا توجد امرأة تريد أن تحمل لقب مطلقة بالنظر لما يحمله المجتمع من نظرة سلبية إلى هذه الحالة الاجتماعية، لكن كثيرا من المشاكل العائلية التي تؤدي إلى الطلاق سببها الظرف الاقتصادي للعائلة الذي يولد مشاحنات كثيرة لا حل لها، سبب آخر أراه أساسيا ومهما وهو هذا الانفتاح الالكتروني والقدرة على التواصل بدون ضوابط أدى إلى سوء الاختيار وغياب الأسس السليمة للارتباط، غير حالات الزواج التي يرتبها الأهل دون قناعة الفتاة في بعض الأحيان وحالات الطلاق قبل الدخول التي يسببها عدم التفاهم الناتج عن الزواج المبكر.
> ما أثر الخلع وهل هو ضرورة؟
- كما قلت لا توجد امرأة تبحث عن خراب بيتها، فالمرأة بشكل عام تميل إلى الاستقرار وفي الخلع علاج للظلم والقهر الذي يقع عليها وقد ساعد تعديل قانون الأحوال الشخصية الأردني كثيرا فيما يتعلق بإثبات النزاع والشقاق. وهذا أيضا أحد أسباب ارتفاع نسب الطلاق.
> ماهي مواصفات الأسرة السعيدة؟
- الاحترام المتبادل والنظر للشريك على أنه الكفة الأخرى من الميزان الذي لا تستقيم الأمور بدونه، وكذلك العمل الجماعي والحوار والحرص على عدم ترحيل المشاكل أو نقلها للأطفال، إضافة إلى التضحية ونبذ الشهوات والنزوات من أجل استقرار عائلة بأكملها، والاختيار الصحيح للشريك المبني على مستوى اجتماعي وثقافي مناسب ضروري جدا لاستكمال الحياة بحلوها ومرها معاً، ولا يغيب عنا دور المناهج التربوية في تعزيز الوعي بأهمية التوافق الأسري، للأسف الإرشاد الأسري يكاد يكون غائباً عن مناهجنا وعن مجتمعنا.
(الراية القطرية)