والمقصود هو هذه الإدارة الأميركية ومعظم الإدارات التي سبقتها فالموقف الذي إتخذته أميركا خلال وقبل وبعد تصويت الجمعية العمومية للأمم المتحدة على الطلب الفلسطيني لقبول فلسطين دولة غير عضو في هذه الهيئة الدولية شكل تحدياً للكرامة العربية وأكّد مجدداً على أن الولايات المتحدة هي إسرائيل بكل عدوانها وبكل إساءاتها المتلاحقة للوجدان الفلسطيني وأن إسرائيل بدورها هي الولايات المتحدة وأن إحتلالها هو إحتلال أميركي وأن عربدتها هي عربدة أميركية.
يسأل الأميركيون ،ليس الشعب وإنما هذه الإدارة ومعظم الإدارات التي سبقتها، العرب لماذا تكرهوننا؟! وفي الحقيقة أننا بتنا نكره أميركا كدولة وليس كشعب طالما أنها بقيت تتصرف إزاء الصراع في الشرق الأوسط على أنها إسرائيلية أكثر من إسرائيل نفسها وأنه لولاها ولولا إنحيازها المخزي للإسرائيليين لما بقيت هذه الدولة الإسرائيلية المارقة تدير ظهرها لكل الرأي العام العالمي ولكل القرارات الدولية ولما بقيت تستمتع في إهانة الشعب الفلسطيني وتحتل أرضه وتشن حروباً متلاحقة عليه من أجل القتل والمزيد من القتل فقط وفي إهانة العرب وإهانة كل الذين يرفضون تصرفات إسرائيل وعدوانها في كل الكرة الأرضية.
ليس العرب والفلسطينيون والمسلمون وحدهم الذين أزدادوا كرهاً للولايات المتحدة فكل شعوب الدول التي صوتت على هذا القرار التاريخي وأيضاً شعوب الدول التي امتنعت عن التصويت إزدادت كرهاً لسياسات واشنطن وتصرفاتها تجاه الصراع الشرق اوسطي المستمر منذ أكثر من ستين عاماً وتبنيها «الوقح» وغير المبرر لإسرائيل وعدوانها المستمر وحروبها التوسعية المتلاحقة ولعل ما يجب أن يدركه الشعب الأميركي الطيب أن الذي يحكمونه دفعوا دولة عظمى وعظيمة إلى أن يقتصر حلفاؤها على كندا وعلى دولة الإحتلال الإسرائيلي وعلى ست دول أخرى ثلاث منها تكاد لا ترى بالمجهر على خريطة الكرة الأرضية من بينها دولة تدعى ناورو ودولة أخرى تدعى مكرونيزيا.
عندما تقف الولايات المتحدة ،التي كانت ذات يومٍ بعيدٍ تشكل أمل الشعوب المضطهدة في التحرر والإنعتاق وأمل الدول المحتلة والمستعمرة في نيل إستقلالها، فإنها تصبح هي الدولة المحتلة لوطن الشعب الفلسطيني طالما انها بقيت تتصرف وتصوِّت على أنها إسرائيلية أكثر من إسرائيل نفسها فالمعروف أن قرار الجمعية العمومية التاريخي الأخير إقتصر على ما أحتله الإسرائيليون من أرض الفلسطينيين في حرب يونيو (حزيران) عام 1967 وان قرارات مجلس الأمن الدولي السابقة ومن بينها قرار التقسيم المعروف والشهير قد أصبحت نسياً منسياً وأصبح قبل ما احتل في هذا التاريخ الآنف الذكر بحكم الأمر الواقع!!.
لماذا بادرت الولايات المتحدة إلى اتخاذ هذا الموقف المخزي الذي اتخذته في اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة الأخير طالما أنها بقيت تقول أنها ضد ضم أراضي الغير بالقوة وطالما أنها صاحبة مبادرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة على أرض الشعب الفلسطيني التي أحتلت في عام 1967..؟ والجواب واضح وضوح الشمس وهو أنها كاذبة في كل هذا الذي تقوله وأنها مع إحتلال أراضي الغير وبالقوة وأنها أكثر صهيونية من الدولة الصهيونية وأنها العدو الحقيقي والفعلي لشعوب هذه المنطقة!!.
إن ما سمعه العرب والفلسطينيون والمسلمون والعالم كله من وزيرة خارجية أميركا هيلاري كلينتون ومن المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس أكثر رعونة وعدوانية مما قاله مندوب الدولة المحتلة رون بروسر وهذا يجعلنا نقول لمن يسألنها من الأميركيين لماذا تكرهوننا؟ ولماذا لا نكرهكم ،والمقصود هنا هو ومرة أخرى ليس الشعب الأميركي الطيب وإنما هذه الإدارة البائسة ومعظم الإدارات التي سبقتها، طالما انكم ترتكبون كل هذه الحماقات وطالما انكم أكثر تأييداً للإحتلال الإسرائيلي من الإسرائيليين أنفسهم وطالما أنكم سقطتم كل هذا السقوط الأخلاقي والسياسي؟!
الرأي