عمون - أستطيع القول عما يجري في الأردن، في حال إعمال العقل الهادف لتعديل المسار والمحافظة على البلاد والعباد معا، أنه رب ضارة نافعة، فكثيرا من الحالات المرضية الصعبة أنهتها صدمة قوية على الرأس وعادت الأمور بعد ذلك إلى طبيعتها.
وأولى بشائر تعديل المسار في الأردن، ما ورد على لسان مصدر مسؤول في الديوان الملكي العامر، بأن جلالة الملك عبد الله الثاني يفكر بزيارة الى إيران قبل حسم موضوع النفط الإيراني المجاني للأردن.
وأيم الله أن هذه الزيارة لو تمت وحشد لها جماهيريا ما تستحقه من حشد، لأتت أكلها الدسم، ووجد الأردن نفسه في وضع يحسد عليه بالفعل، داخليا حيث الرخاء والنماء، وخارجيا حيث إرتفاع سعر الموقف، لأن الآخرين سيجدون أنفسهم مضطرين لمواكبة إرتفاع الأسعار الإقتصادية برفع الأسعار السياسية، وليس سرا القول أن الأردن لدية الكثير من الفواتير السياسية التي لو طالب أصحاب الشأن بتسديدها لحقق فائضا ماديا أكبر مما نتصور .
بقي خارجيا تعديل مهم آخر وهو إعلان صريح عن رغبة الأردن بتقليل عدد القوات المسلحة ،وإعادة تموضعها على الحدود الأردنية المشتركة مع الجميع ،بسبب عدم قدرة الأردن المالية على تسديد نفقات حركات وتحركات الجيش وعملياته .عند ذلك ستأتي الوفود المعنية لتقول :شبيك لبيك نحن أصدقاؤك وأشقاؤك بين يديك.
لست براغماتيا ولا إنتهازيا ،لكنه يجوز اللعب بهكذا أوراق في حالات معينة فالضرورات تبيح المحظورات ،ثم إلى متى سيبقى الأردن كريما مع الآخرين البخلاء الذين يتلذذون على مجريات الأمور فيه ؟ألم تصل السكين إلى اعناقنا ونحن الذين نشكل طوق حماية ونجاة وعزل للآخرين؟
الرسالة الثالثة التي يتوجب تسليمها لساعي البريد هي الرغبة الأردنية الجادة بإلغاء معاهدة وادي عربة سيئة الصيت والسمعة ،مع إعداد ملف بجميع اللغات وتوزيعه على المجتمع الدولي، يبين حجم وعدد إلإنتهاكات التي إقترفتها إسرائيل بحق الأردن منذ توقيع تلك المعاهدة. عند ذلك ستقلب الطاولة على من حولها والسحر سينقلب على الساحر ويخرج الأردن مستفيدا من تعديل المسار هذا.
قد يقول قائل وقد قيل أن المعنيين سيستبدلون النظام الحالي بآخر !وردي الذي لا أتنازل عنه هو أنه في حال العودة إلى الشعب ،والتسلح به بعد إعادة تنظيم العقد الإجتماعي ،وإعطاء كل ذي حق حقه ،وعدم تغول أحد على أحد والشعور بالمواطنة الحقة ،فإن هذا الشعب سوف يلتف حول قيادته الهاشمية –الضمانة الحقيقية والأساسية – وستفشل كل قوى الأرض في فرض تغيير مرفوض في الأردن ،لأن الشعب سينزل عن بكرة أبيه إلى الشارع ويشكل مظلة ودرعا لا يخترقين لمليكه ونظامه في حال حصل على حقوقه ،ولم تعد الأمور مقتصرة على عدد من الأشخاص الفاسدين المفسدين.
الأمر ليس صعبا لتعديل المسار الداخلي في الأردن ولنبدأ كما قلت بتحقيق المواطنة ذلك السحر الذي لا يجاريه أي سحر (عدلت فأمنت فنمت) هكذا حكم الفاروق فنام في صحن المسجد وأذهل رسول كسرى الذي قال هذه العبارة المنهج.
بعد ذلك يتطلب الأمر إصلاح النظام الضريبي والجمركي ،وفرض الضريبة التصاعدية على المؤسسات البنكية والتامين والشركات التي تدر أرباحا خيالية ،والتخفيف قدر الإمكان على المعسرين ،كل ذلك يتطلب أيضا شن حملة حقيقية صادقة على الفساد والفاسدين تقوم بها حكومة برلمانية جزبية ياتي رئيسها ببرنامج محدد ليسهل علينا محاسبته ،وليتم قطع دابر عبارة " من فوق " أو " اللي فوق بدو هيك" .إضافة إلى فتح ملف الخصخصة والعمل الجاد على إستعادة ما تم بيعه بأسعر بخسة.
هذه الوصفة المجانية هي البلسم الشافي والترياق لمعاناة الأردن الدائمة شرط أن تجد من يطبقها ويقبل بها .
اللهم إني قد بلغت، اللهم فإشهد أني على حق.؟!