"وادي الهيدان" .. الزراعة تعدم على مقصلة الجفاف! (فيديو)
28-11-2012 07:19 PM
عمون – جفاف المياه لم يُشعر البشر والحجر بالعطش فقط، بل أذهب بأقوات الناس وجعلها بمهب الرياح.
وادي الهيدان في محافظة مادبا صورة حية لواقع الجفاف الذي يسجل في مملكتنا منذ ما يزيد على العشر سنوات مرت على المزارعين حاملة في صدورهم الحسرة والأسى.
مزارعو وادي الهيدان الذين لم تتطلع لواقعهم الحكومات العابرة سجلوا في زيارة ميدانية لـ"عمون" سطور قضيتهم بأحرفها الأولى والأخيرة؛ فتهديداتهم بتكسير مضخات المياه التي تقيمها الدولة لم تنفعهم لأن مناشداتهم الصيفية ظلت حبيسة الأوراق و"السيرفرات" دون اذن صاغية.
سيل المنطقة الذي كان في أيام "عزه" يزيد ارتفاعه على 8 أمتار غرق فيه الكثير من المتنزهين والصيادين انحسرت مياهه لدرجة أن فريق "عمون" قطعه بالسيارة التي جالت به في أركان الوادي الذي يرسم لوحة مسجلة بامتياز "الجفاف" الأصفر.
ووسط هذه الحالة ابتعد أهل مادبا وقراها عن الزراعة التي كانت مصدر الدخل الوحيد لديهم فمن كان لا يُحصل وظيفة يهوي إلى مزرعته ضارباً في الأرض ساعياً للقمة عيشه التي حاربتها الطبيعة القاسية.
سكان الهيدان الذين "هجوا" من واديهم بعد جفافه طالبوا الحكومة بالابقاء على بواقي ما ظل من مظاهر الحياة بافتتاح مركز للارشاد الزراعي يُمكنهم من معرفة الأوقات السليمة للزراعة في ظل جريان السيل في فصل الشتاء وجفافه على أبواب الصيف.
وعن خسارتهم فحدث ولا حرج فالمزارع نوفان السليمات خسر ما يزيد عن عشرة آلاف دينار وعبد الكريم الحمران خسر مثلها وكلما تجولت وسألت تجد على شاكلتهم الكثيرين وبمبالغ مختلفة وطرق مختلفة للخسارة، وسط جفاف سيل منطقتهم وغياب الحلول الحكومية واقتراح الكثير منها من قبل المزارعين وعلى رأسها فتح سد الوالة في فصل الصيف.
الحالة الصعبة التي يواجهها فلاحو الهيدان نتيجة نقص المياه لديهم دفعتهم للتساؤل هل أهل عبدون ومسابحهم أولى بالمياه من مزارعهم وأشتالهم وهو ما نفته وزارة المياه جملة وتفصيلاً حيث أكدت على لسان مدير تشغيل المياه باسم حدادين أن الـ1400 م/3 التي تضخ بالساعة الواحدة تذهب 100 م/3 منها لذيبان و900م/3 لباقي مناطق مادبا فيما تذهب الـ 400م/3 الباقيات لعمان وبذلك يعد الهيدان المصدر الرئيسي لمياه محافظة مادبا وليس عمان.
وعن الوضع المائي لسيل المنطقة قال حدادين إنه يعتمد على الموسم المطري فمنذ عامين استمر جريان السيل في اشهر الصيف ولم تحتج سلطة المياه لفتح الآبار الاضافية إلى بالشهر الاخير من الصيف، أما هذا العام على سبيل المثال فإن المياه توقفت لضعف الموسم المطري ما يعني جفاف السيل الذي لا تنجح محاولات انسياب المياه فيه ولعدم القدرة على اجتراح الحلول وحتى لو فتح سد الوالة عليه لاستحالة ذلك على حد وصف أمين عام سلطة وادي الأردن سعد أبو حمور.
أبو حمور الذي تعد سلطته المسؤولة عن سدود المياه بالمملكة قال لـ"عمون" إنهم يعملون على إسالة المياه في السيل بين الفينة والاخرى تبعا للوضع المائي للسد، بيد أنه يُذكر هنا بأن سد الوالة يستخدم لحقن الآبار الارتوازية بالمياه وليس لتزويد السيول بالمياه.
قصة سيل الهيدان التي تؤرق الزراعة الأردنية لمركزيتها يعود جزء من أسبابها للمزارعين كما يقول حدادين حيث طلبت وزارته منهم إقامة جمعية تعاونية تتولى تقسيم مياه الأبار هناك بينهم لكنهم رفضوا.
وأكد حدادين أن هذه الأبار التي تصل سعتها لـ100م/3 بالساعة تم التوافق بين الوزارة والمزارعين ان تكون مصدر سقاية لأراضيهم وتتحمل الوزارة تكاليف الأبار وضخ المياه لكن الامور لم تسير بالاتجاه الصحيح.
يتحسر سكان الهيدان على أيام قد خلت كانت السياحة في واديهم تبلغ أوجها بقدوم الاف المصطافين للاستمتاع بطبيعة منطقتهم الخلابة ، لكنهم يستدركون كيف يستمر ذلك ومنطقتنا لا مفرزة أمنية فيها ولا شبكات اتصالات ولا مدارس ولا مراكز صحية ولا ايٍ من مقومات الحياة الطبيعية فما بالكم بالسياحية؟!
المعاناة لا تتوقف على منطقة بعينها فقضية المياه والزراعة في الأردن تعد مسألة أمن وطني يهدده غياب الرؤية والتنسيق بين القطاعات المعنية بهما، إضافة لغياب التواصل المباشر والحقيقي مع المزارعين ومن هو في حكمهم في فترة أكثر ما تكون فيه بلادنا بحاجة لاستثمار موارد الناس وأرضهم.