تفحصوا هذه الأرقام لتزدادوا قلقاً
المحامي محمد الصبيحي
27-11-2012 04:10 AM
تصاعد مرعب في عدد القضايا الجزائية التي تنظرها المحاكم .. يجب أن تتوقف المؤسسات المعنية بالعدالة الجنائية والسلم الاجتماعي عند هذا الامر وأن تدق ناقوس الخطر .
وحتى تكون الصورة واضحة فقد أخترت مراجعة بيانات محكمة بداية شمال عمان ( صويلح ) كمثال متوازن بحكم موقعها المتوسط بين مناطق شعبية وأخرى تضم فئة اجتماعية أعلى دخلا , وقد زودنا رئيس المحكمة - مشكورا - بالبيانات من واقع السجلات والتي تقول ( أن عدد القضايا الجزائية ( جنح ) الواردة الى محكمة بداية الجزاء من 1/1/2011 وحتى تاريخ 26/11/2011 بلغ ( 1197 ) قضية , في حين أن عدد القضايا من 1/1/2012 وحتى 26/11/2012 بلغ ( 1892 ) قضية ) ,بزيادة نسبتها 58 % وهذه الجنح غالبا ما تشتمل على جرائم الاحتيال والسرقة الموصوفة ( مع الكسر والخلع أو ليلا ...الخ ) والتزوير الجنائي والايذاء البليغ والاعتداء على الممتلكات .
وتقول الارقام ( أن عدد القضايا الجزائية الواردة الى قضاة الصلح لذات الفترة من عام 2011 بلغت ( 10292 ) ارتفعت لذات الفترة من عام 2012 الى ( 11155 ) قضية بزيادة تقارب 8% عن السنة السابقة .
أما الجنايات فكانت لذات الفترة من عام 2011 ( 248 ) جناية أرتفعت الى ( 331) جناية لذات الفترة من عام 2012 . بنسبة زيادة تقارب 25% عن السنة السابقة .
الملاحظة الجديرة بالدراسة أن الجرائم البسيطة التي ينظرها قضاة الصلح ارتفعت بنسبة بسيطة 8% وهي لا تؤشر على أية دلالات غير طبيعية في حين أن ارتفاع نسبة الجرائم الخطرة ( الجنح بنسبة 58% والجنايات 25% ) فهذا مؤشر على حدوث تغيرات سلبية في المجتمع , وغالبا ما كانت الارقام الاحصائية للسنوات الخمس الماضية والتي تصدر متأخرة جدا بعد كل عام ينقضي تشير بصورة لافتة الى أرتفاع كبير في جرائم الاحتيال والايذاء البليغ والاعتداء على الاموال والممتلكات وصلت في أحدى السنوات الى زيادة بنسبة 100% .
الارتفاع الكبير في عدد جرائم الاحتيال يعود بالتأكيد الى الازمة الاقتصادية والمعاناة المعاشية لفئة واسعة في المجتمع , وباعتبار أن جريمة الاحتيال جريمة مالية فان تنفيذها يحتاج الى ذكاء وأبتكار وتفنن في التمويه والغش وتحتاج الى وقت في التخطيط والاعداد ولذا فان المبلغ الذي يسعى المحتال الى الحصول عليه يكون كبيرا في العادة حتى يستدعي صرف جهد في التخطيط , ويحتاج الى طرف أخر ساذج أو طماع وهم كثر في مجتمعنا , وعلى العموم فان الحاجة أم الاختراع ولذا يخترع المحتالون وسائل جديدة باستمرار وتحذر سلطات البحث الجنائي المواطنين باستمرار أيضا ولكن الجرائم ترتفع بنسبة كبيرة وغير عادية , وخطورة هذه الجريمة بالذات تكمن في زعزعة الثقة العامة في التعاملات المالية في الدولة .
أما الارتفاع الكبير في جرائم الايذاء البليغ والاعتداء على الاموال والممتلكات فهو مؤشر على مدى ارتفاع التوتر في المجتمع ويعبر عنه أحد الوجهاء الذين أتعبتهم جولات الاصلاح والصلح بين الناس بقوله ( مش عارف ليش الناس مش طايقة بعضها .. عمرنا ما كنا هيك في الاردن ؟؟ ) .
اشعر بقلق شديد فالارقام السابق ذكرها هي لواحدة فقط من محاكم عمان ولربما تكون الفاجعة في سجلات محكمة بداية جنوب أو شرق عمان , وأرجو أن يسري هذا القلق الى الجهات المعنية والمراكز البحثية المنتشرة كالسرطانات على جسم المجتمع .
الرأي