الأردن .. بين الإعلام المحلي والخارجي
باتر محمد وردم
26-11-2012 04:20 AM
نتيجة الأحداث الساخنة التي مر بها الأردن في الايام الماضية، أصبح البلد في بؤرة اهتمام الإعلام العربي والأجنبي. في الأوضاع التقليدية لا يعتبر الأردن من المناطق التي تستقطب التركيز الإعلامي الأجنبي وهذا أمر جيد لأن مثل هذا الإعلام لا يركز إلا على الجوانب السلبية والمشاكل والصراعات في المطقة كلما كنا بعيدين عن رادار الإعلام الدولي، كان ذلك أفضل. حتى مسيرة الإصلاح السياسي في الأردن لم تستقطب الكثير من الاهتمام الإعلامي الخارجي إلا في حال تغطية المسيرات وارتفاع سقف الهتافات والمسيرات.
هنالك مدخلان يثيران اهتمام الإعلام الغربي بالأردن ومن النادر قراءة اي تحليل سياسي أو تقرير صحافي بدون الحديث عن العلاقة الأردنية- الفلسطينية في بعدها الداخلي وكذلك علاقة الدولة مع الأخوان المسلمين. في الايام الأخيرة دخلت إلى دائرة الاهتمام علاقة المجتمع بالنظام ومقارنة الأردن بالدول الأخرى التي مرت في مرحلة ما يسمى “الربيع العربي” وفي هذا السياق يمكن ملاحظة بضعة اتجاهات.
هنالك تقارير يكتبها إعلاميون غربيون مقيمون في الأردن أو يعرفون البلد بشكل حقيقي وهذه عادة تتسم بالعمق والشمولية وعدم الاندفاع وتقدم للقارئ والمشاهد صورة شبه مكتملة. المراسل الذي يعيش في الأردن يعرف المعادلة جيدا ومثال على ذلك ما كتبه نيكولاس سيلي في مجلة فورين بوليسي في اليوم التالي لاندلاع الاحتجاجات حيث كتب أن الأردن ليس على حافة الانهيار وأوضح عدة اسباب لذلك. في نفس الوقت كان الأردن يشهد حضور عدة مراسلين للصحف الأميركية والبريطانية الكبرى وبعضهم قد يمضي يوما أو اثنين ويلتقي عادة مع مجموعة بسيطة من النشطاء السياسيين وإذ به ينشر تقريرا يتضمن تعميما ومحاولة إسقاط لرأي مجموعة صغيرة على مجمل النشاط السياسي في البلاد، وأحد الأمثلة على ذلك التقرير الخالي من المهنية الذي نشرته صحيفة النيويورك تايمز والذي يدعي وجود مطلب لدى “المعارضة الأردنية” لم يتم رفعه ابدا أثناء الاحتجاجات!.
في مواجهة الإعلام الأجنبي الذي يتضمن طيفا من الصحافيين المهنيين أصحاب الخبرة والمعرفة وصحافيين يزورون الأردن في سياحة إعلامية ليوم واحد ويخرجون باستنتاجات واهية يبقى الإعلام الرسمي الأردني شبه مشلول وغير قادر على تقديم خطاب إعلامي داخلي وخارجي مقنع. بعض الاستثناءات تحصل. السفارة الأردنية في بريطانيا قامت قبل شهر تقريبا بنشر رد مهني ومنطقي ومقنع على تقرير نشرته مجلة الإيكونومست واسعة الانتشار، وقامت الإيكونومست بنشر الرد كاملا. مثل هذا النمط من “الاشتباك الواثق” من قبل الإعلام الرسمي هو المطلوب وخاصة في ظل المرحلة الحالية التي تنتشر فيها الشائعات والمعلومات المغلوطة ومحالات تعميم وجهات نظر معزولة وقليلة التأثير.
لا توجد في منظومة الإعلام الرسمي في الأردن خلية إدارة أزمة تتمتع بالذكاء والعلاقات الإقليمية والدولية الواسعة والتي يمكنها العمل على إظهار حقيقة الوضع السياسي في الأردن بكل تفاصيله بالتركيز على الحوانب الإيجابية وعدم الخجل والتهرب من الجوانب السلبية ومحاولة تصحيحها. لا يمكن أن نخاطب العالم والرأي العام الأردني من خلال بث مسلسل كوري مدبلج في ذروة الاحتجاجات الشعبية وقلق المواطنين مما يحدث في بلادهم.
batirw@yahoo.com
الدستور