الاردن اليوم: محاوله للفهم (3)
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
26-11-2012 03:29 AM
لا يمكن فصل ردة الفعل الشعبيه عن مجموع السياسات السابقه.
قرار رفع الدعم غير شعبي و لم يرضى بالقبول سواء ممن خرج في احتجاجات شعبيه بانواعها او من خرج وسمي من البعض بالموالاه او ممن بقي في البيت فالغالبيه العظمى رفض القرار وصمت بدافع وطني بحت و هو الحفاظ على الاردن و امنه و كذا فعل ايظا غالبية من خرجوا باحتجاجات شعبيه منضبطه و لكن كلا الطرفين اجتهد في الحفاظ على البلد.
الاردنيون من شتى اصولهم و انتماءاتهم الفكريه و امكانياتهم الماليه تحملوا وضعا شبيها بل اصعب في بداية التسعينات. اذا ما الذي جد في الامر. الاجابه واضحه: انها فقدان الثقه بين المواطن و الدوله و فقدان الامل في المستقبل.
للتوضيح اكثر فهناك نهج من سوء الاداره و الفساد و الاقصاء و الاستخفاف بالمواطن وصم نهج السياسات في السنوات الاخيره و يبدو ان النخبه السياسيه المسؤوله عن كل ذلك ما زالت تتصدر المشهد في الاردن و تعطي مواعظ في الوطنيه و التقشف رغم ان معظم هؤلاء كان الاولى ان يكونوا خارج المشهد.
المسؤول عن الوضع الاقتصادي الحالي ليس المواطن و لكن سياسات تجفيف موارد الدوله ببيع مؤسساتها الوطنيه باسعار بخسه و من ثم الضغط على الوطن ليدعم هذه المؤسسات المسروقه عمليا من جيب الحكومه و المواطن. اما الفساد فكان مالي و سياسي و اداري بل و بلغت الجرأه حتى التلاعب بالمكرمات الملكيه و التي من المفروض انها مشاريع من راس الدوله للتخفيف على الفئات الاقل حظا من شعبه.
اما الاقصاء فهذه قصه تطول و لا اريد ان اكتب عنها لان فيها من المراره الكثير خصوصا منا اهل جرش و الذين عانينا منها ما لم يعاني منه غيرنا. اما الاستخفاف بالمواطن فقد بلغ اشده بسياسات و تعينات و تلاعب بمصير البلد و صم الاذان عن النصح و مشاعر الشرفاء من الوطن و وصلت الجرأه بتفاخر بعض المسؤلين بتزوير اهم مؤسسه في الاردن و هي المؤسسه التشريعيه.
اما فقدان الامل فهذه تحتاج الى اسهاب و اختصرها بان المبدعين دراسيا من ابناء الطبقات الاقل حظا كان دافعهم الاكبر للتميز و التحصيل الدراسي هو تحسين اوضاعهم و اوضاع اهليهم و لكن بعد دخول المال في العلم و خصوصا في القبولات الجامعيه و هنا اقصد التوسع بالموازي على حساب التنافس فقد اخذ يخبو ذلك الامل و يضمحل. هذا ناهيك عن الواسطه و المحسوبيه التي انهكت حتى المؤسسات الوطنيه الناجحه و التي كانت رائده في المحيط العربي في يوم من الايام.
اجتهادي كمواطن في فهمي لادارة الدوله في الاردن ببساطه تقسيمها الى شعب و نخب سياسيه و عائله مالكه. اما الشعب من شتى اصوله و منابته فقد اظهر حبا للاردن و نضجا واضحا في ردات فعله و ما زال يراهن على مستقبل افضل. اما النخبه السياسيه فغالبيتها فقدت مصداقيتها من الشعب و اصبحت جزء من المشكله و ليس جزء من الحل و ظهر ذلك في صمتها المطبق و غيابها في الاحتجاجات الاخيره فهي عرفت حجمها و ان ليس لها اي تاثير داخل الشارع و اعتقد ان عزلها سياسيا او استبعاد معظمها و محاسبة بعضها اصبح مطلب شعبي.
اما جلالة الملك فما زال له رصيد شعبي كبير و ما تأثر من الرصيد كان بسبب سياسات و فساد جزء من بطانته الذين اختباوا خلف عباءته لتبرير سوء اداراتهم و مشاريعهم المشبوهه و شكلوا حاجزا وهميا و حجابا بين الملك و شعبه مما سبب الاحباط للناس و ظن بعظهم ان ما يحدث رغبات ملكيه. هنا اعتقد انه ان الاوان للتواصل المباشر بين الملك و الشعب او من خلال مجموعه جديده من الشرفاء المحبين للاردن و المؤمنين ان ملكا هاشميا هو صمام امان للاردن كما كان يفكر رجال مثل وصفي و عبد الحميد شرف و غيرهم.
الاردن يمر بظروف صعبه و لكن للامانه ان المخزون الوطني للناس عالي من شتى اصولهم و منابتهم و حبهم للبلد اصيل و اتمنى ان لا يترك الوطن اكثر لمجموعه من السياسيين المغامرين.
في المقاله القادمه محاوله للفهم 4 ساكتب في موضوع خلافي شائك وهو الهويه و المواطنه و فك الارتباط حسب فهمي و رؤيتي و اجتهادي كمواطن اردني عربي من جرش التاريخ و النموذج للعيش المشترك.
د. هيثم العقيلي المقابله
ناشط اجتماعي/جرش