كل من يريد أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء فهو لا يفهم حقيقة الزمن، ولا جوهر الوقت، فلو اجتمعت الأمم كلها بكل ما أوتيت من علم وخبرة وتجربة وقوة من أجل تحطيم ثانية واحدة من الزمن، أو إرجاع الوقت دقيقة إلى الخلف فلن تستطيع، كما أنّها لا تستطيع أن تأتي بدقيقة مستقبلية قبل موعد قدومها، هذه حقيقة الزمن الإعجازية، فما على الإنسان العاقل إلاّ أن يطوّر ملكاته ويوظف خبراته، وكل ما لديه من علم واختراعات من أجل استثمار الوقت، وتنظيم أعماله بدقة حسب الوقت، وأن يبذل جهده في عدم ضياع الوقت وليس مصادمته، فكل من يصادم الزمن هو خاسر.
كل من يريد استعادة الوصفات القديمة في إدارة الجماهير واستغفال الشعوب، هو خارج الزمن، وكل من يريد إرجاع الناس إلى الخلف، والإصرار على إقناعهم بالخطأ الذي جرى إقناعهم به سابقاً هو خارج الزمن، وكل من يريد مصادرة الوعي العام ويحول دون تطوره هو خارج الزمن، وكلّ من يريد الاستمرار في ممارسة تضليل الأجيال وخداع عقول الناشئة هو خارج الزمن، وكل من يريد وقف السيل المتدفق من الإحساس بالكرامة الآدمية وكبت الأشواق العارمة نحو الحريّة هو خارج الزمن.
كل من يريد الإصرار على ممارسة الإقطاع السياسي في الحكم وإدارة الدولة وتغييب الجماهير هو خارج الزمن، وكل من يريد الاستئثار بالسلطة والقرارمن دون محاسبة أو مساءلة هو خارج الزمن، وكل من يريد الاستمرار في إنفاق الأموال وكسبها بلا رقابة ولا سجلات منضبطة ومعلنة ومقرّة، هو خارج الزمن، وكل من يجمع بين الإمارة والتجارة هو خارج الزمن ومن مخلفات الماضي.
كلّ من يريد مصادرة حق الأمّة ببناء مشروعها الحضاري الإسلامي الكبير هو خارج الزمن، وكل من يريد فرض مشروع مستورد شرقي أو غربي على الأمّة العربية والإسلامية هو خارج الزمن، وكل من يريد التمسك بالأنظمة المستبدة الفاسدة البائدة هو خارج الزمن، وكلّ من يريد تقليد مشروعات فاشلة ومهزومة في أرضها وديارها هو خارج الزمن، وكل من يريد مواصلة ثقافة الجعجعة بلا مضمون، والنضال والممانعة بلا واقع ملموس هو خارج الزمن، وكل من يريد إغفال تاريخ نصف قرن من الهزائم والتخلف والقهر والقمع هو خارج الزمن، وكل من يريد استبدال التاريخ وتزويره هو خارج الزمن.
كل من يدافع عن أنظمة الاستبداد ويستمر في تسويغ أعمالها هو خارج الزمن، وكل من يريد الاستمرار في الاستثمار في القضية الفلسطينية والبيع والشراء والإثراء من خلالها هو خارج الزمن، وكل من يستمر في مصادرة حق الشعوب باختيار حكامها هو خارج الزمن، وكل من يريد الإصرار على مصادرة حق الشعوب في تدوين دستورها وتقرير مصيرها هو خارج الزمن، ويصادم المنطق ويعاند سنن الكون، وكل من يريد الاستمرار في مصادرة حق الجماهير في أن تكون مصدراً كاملاً وحقيقياً وفعلياً للسلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية هو خارج الزمن.
كل من يغلف حقده على الأمّة ومشروعها الحضاري هو كاذب، وكل من يكذب ويستمر في الكذب، ويتمسك بحبل الكذب، ويستعذب الكذب ويمارس السلطة بالكذب، ويمارس القتل والتخريب والتدمير تحت ستار الكذب هو خارج الزمن، وكل من يطبّل ويزمّر للكذابين ويعيش ويأكل بالكذب، وينام ويصحو على الكذب هو خارج الزمن ولن يستمر في خداع الجماهير، وكل من يتستر خلف مقاومة الإرهاب هو كاذب و خارج الزمن.
الشعوب ستنتصر في معركتها حتماً مع أعداء الحرية مهما كان مكرهم وكيدهم، والشعوب ستكسب الحرب حتى لو خسرت معركة أو جولة؛ لأنّ الشعوب باقية، والأشخاص زائلون، لأنّ الحقّ ثابت والباطل إلى زوال {وقل جاء الحق وزهق الباطل، إنّ الباطل كان زهوقاً} .
rohileghrb@yahoo.com
العرب اليوم