إن الظروف المحيطة بالأردن تفرض عليه اتخاذ قرارات صعبة وهامة واستراتيجية ، فقد قرر الأردن الذهاب إلى مؤتمر مدريد وكان نتيجة ذلك معاهدة سلام ، فما الثمن الذي حصلنا عليه ؟؟!! وقدمنا للفلسطينيين مظلة لحضور مؤتمر مدريد فما الذي حصلنا عليه ؟؟!! وكانت أزمة الخليج الأولى والثانية والثالثة وكان للأردن مواقف فيها كلها فأين الثمن وما هو ؟؟!! وحارب الأردن الإرهابيين فعلى ماذا حصل ؟؟!! وساند الأردن الشعب الليبي في ثورته ضد القذافي ونجحت الثورة فما الذي نلناه ؟؟! ويقف الأردن موقفه من القضية السورية فما هي الحسابات التي يحسبها ؟ وما الذي نريد قطفه ؟
هل نحن مجرد مكان للاجئين بينما غيرنا قد وضع يديه في السياسة بكل قوة سواء الموقف الخليجي التركي الواضح أو الموقف الإيراني ومعه حزبه في لبنان ومعه أحمد جبريل " الجبهة الشعبية " ومعه اليساريون الأردنيون !!!!! .
الجميع يقبض الثمن ويبيع ويشتري ويطلب أغلى الأسعار فهل نحن أصحاب مبادئ مجردة أم أننا عاجزون عن المزاوجة بين الموقف الإنساني والمبدئي وبين المصلحة الوطنية ؟؟!! . لم يمنع الله تعالى الجمع بين الحج لبيت الله الحرام وبين حصول الحاج على مصلحة له قال تعالى ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معدودات ) ، وكل الدول تحاول أن تصيد بالحجر الواحد عدة عصافير ، فما الذي يمنع الأردن من البحث عن مصلحته السياسية والمادية في آن واحد .
إن القضية السورية تؤثر علينا سلباً وإيجاباً ، ونحن منغمسون فيها شئنا أم أبينا ، وما دام الأمر كذلك فلنعمل بجد ونشاط لننصر هذا الشعب المنكوب ولا نريد أن نكون مجرد مأوى فلسنا جمعية خيرية بل نتطلع لتكون لنا علاقة جيدة مع القادمين الجدد ، وعلى الدول ذات المصالح أن تعلم أن الأردن يمر بظروف صعبة قادته إلى وضع سياسي واقتصادي صعب فلا بد من مساعدته ومد يد العون له ونخص بهذا الأشقاء المدركين للأمور أكثر من غيرهم .
إن السياسات لها ثمن ولايجوز لنا أن نستحي في مواقفنا التي تراعي الحق والعدل ولكن السياسة تقرر البحث عن المصلحة في كل طبخة تتم ما دمنا نتأثر بالوضع شئنا أم أبينا . أخشى ما أخشاه أن ينتهي الملف السوري ونحن نعيش حالة التردد أو التخبط بينما تطير الطيور بأرزاقها ولا ينالنا سوى غضب الغاضبين في مخيم الزعتري أو غضب الحاقدين أصلاً على الأردن منذ زمن بعيد ، أو عتب العاتبين ممن لا يزالون يأملون بموقف أردني أكثر وضوحاً .
العرب اليوم