قرارات مرسي المطلقة تقسم المصريين
نبيل غيشان
24-11-2012 02:29 AM
الرئيس نسف مفهوم الدولة والشرعية، ونصب نفسه فرعونا جديدًا لمصر .
تقتدي أغلب الدول العربية بالشقيقة الكبرى مصر خاصة في تراث قضائها وقرارات محاكمها وعلى رأسها المحكمة الدستورية العليا التي لها قرارات مشهودة وليس آخرها الحكم بعدم دستورية القانون الذي تم على اساسه إجراء الانتخابات.
لقد كان القضاء المصري طوال حياته حاميا حقيقيا للحريات العامة حتى في الأوقات التي كان يتعرض فيها لضغوطات من مختلف الأنظمة التي سادت مصر في المئة سنة الأخيرة.
ومع ثورة 25 يناير كان الجميع ينظرون إلى القضاء نظرة احترام وأن قراراته هي عنوان الحقيقة وقد لعب نادي قضاة مصر دورا مهما في التصدي للسلطة المطلقة التي كان الرئيس المخلوع حسني مبارك يعطيها لنفسه.
للأسف فان الرئاسة المصرية الجديدة بقيادة الاخواني محمد مرسي بدأت تخرج عن التقاليد القضائية المصرية وادخلت نفسها وشعبها في متاهة جديدة تؤدي الى عودة الاستبداد والفساد الذي قامت الثورة المصرية عليه، وهو فأل غير جيد لكل الحراكات العربية التي باتت تعرف الاهداف الحقيقية لبعض القوى واسلوبها في الالتفاف على انتصار الجماهير.
هذا ما رأيناه في القرارات الاخيرة للرئيس مرسي والذي حشدت له قيادة جماعة الاخوان المصريين امام مجلس القضاء العالي قبل ان تصدر القرارات، وهنا الخطورة في تجييش المصريين ضد بعضهم بعضا وهو الاسلوب نفسه الذي كان يتبعه الحكم المخلوع في مصر قبل الثورة، وهذا ما جرى ايضا بعد صدور القرارات الاخيرة وأدت الى الاصابات بين المصريين.
واخطر ما رأيناه ان جماعة الاخوان والجماعات الاسلامية حشدت نفسها لدعم القرارات المطلقة فيما كان المحتجون في ساحة التحرير يطالبون برحيل مرسي وقد سقط بينهم عشرات الجرحى.
ان ما جرى من محاولات للرئيس مرسي من إقالة النائب العام الذي اضطر الى التراجع عنه، لم تثنه عن محاولة تطويع القضاءلاحقا وفرض نفسه حاكما مطلقا.
وكانت آخر المحاولات ما اصدره من اعلان دستوري يهدم البديهيات في دولة حكم القانون ومنه تحصين قرارات رئيس الجمهورية من الطعن عليها امام اية جهة، وإعادة محاكمة المتهمين في قضايا قتل المتظاهرين حتى تلك التي صدرت فيها احكام، وهو الآن يواجه من نادي القضاة وزمن المصريين.
وهذا اجراء لم يحدث في تاريخ مصر، فالقضاء هو الرقيب على السلطة التنفيذية، وبغير احترام سلطة القضاء فإن البلد لا يمكن ان تستقر بل ان الفتنة بدأت تطل برأسها والشعب المصري الذي ذاق طعم الحرية لن يسمح لاي طرف بأن يخرب ثورته ويعيده الى عهد الاستبداد، لأن السلطة المطلقة لأي كان هي مفسدة.
ويكفي ان نعرف موقف شباب القوى الثورية من قرارات الرئيس مرسي بوصفها «انقلاب إخواني ناعم»، وكذلك موقف الدكتور محمد البرادعي، الذي اعتبر ان «مرسى نسف اليوم مفهوم الدولة والشرعية، ونصب نفسه حاكما بأمر الله، وفرعونًا جديدًا لمصر».
ان الشعب العربي غادر محطات الخوف والاستبداد وهو مستعد ان يدفع الثمن مجددا من اجل التخلص من اي شخص او حزب او توجه اذا ما حاول ان يعيد التاريخ الى الخلف بحثا عن الحكم المطلق .
nghishano@yahoo.com
العرب اليوم