د.جمال الخطيب
هل فعلا انتصرت المقاومة في غزة ؟
لتقييم ذلك والفصل بين الادعاء السياسي والدعاية و بين الواقع الفعلي لا بد من ان ننتبه الى معايير القياس وهي على الأغلب إرادة أي طرف تلك التي تحقق الجزء الاكبر منها عبر عملية التصارع ؟
وأي من أهداف كل طرف تحققت .؟
وكيف كان وضع كل طرف قبل المعركة وإلى ماذا آل بعدها؟
قبل المعركة
اسرائيل
محليا
وضع سياسي ممتاز , حكومة مستريحة لدرجة ان يفكر نتنياهو بانتخابات مبكرة لثقته بالفوز والتحرر حتى من الشركاء غير المزعجبن.
جيش قوي لايقارن بأي مما حوله
وضع اقتصادي واجتماعي مستقر في منطقة تموج بعدم الاستقرار
إقليميا
خسرت اسرائيل نظام مبارك لصالح نظام غير واضح السياسات تجاهها على الاقل .
بقية المنطقة حولها تعاني حالة من عدم الاستقرار تجعل معظم من حولها منشغل بوضعه الداخلي
هناك قوتين غير منضبطتين ومتناميتين في أقصى الشمال "حزب الله" وقصى الجنوب "المقاومة" خاضت معهما حربين أكثر المتفائلين الاسرائيليين يراهما غير حاسمتين ..ولا يمكن ان تتعايش مع تناميهما ولابد من جولة حاسمة في الوقت المناسب!!
دوليا
لم تكن بأحسن من ذلك بوما فهي تصيغ أجندة وأولويات ما يسمى ب "المجتمع الدولي " عبر السيطرة على السياسة الخارجية الامريكية ولواحقها !اليس ما يسمى "الملف النووي الايراني " هو الشغل الشاغل للجمبع !!
غزة/المقاومة
محليا
حكومة مستقرة دون منافسة محلية ، قوة عسكرية وصاروخية لا مجال لمقارنتها بالقوة الاسرائيلية ، وضع اقتصادي متردي بسبب الحصار وعدم وجود "شرعية" لا إقليمية ولا دولية
إقليميا
تغير الحكم في أكثر من دولة لصالحها في تونس ومصر وليبيا ، الاهم طبعا في مصر حيث تسلم الحكم نفس الحزب الذي يحكم غوة "الاخوان المسلمون " لكن هناك الكثير من الامور غير واضحة وملفات معلقة مثل المعابر .
التزمت حماس موقف" الاخوان المسلمون " تجاه سوريا وانحازت للموقف القطري وزارها امير قطر ..إلا أن انعكاس ذلك على العلااقة مع ايران وحزب الله لم ينجل بوضوح .
عالميا
عدا ايران و تركيا ليس هناك من يعترف او يتعامل مع غزة بشكل رسمي وقد بدت اميل للتقارب مع تركيا مؤخرا .
الحرب
في غيبة الوئائق لا يمكن الجزم بخلفية اغتيال الشهيد أحمد الجعبري وهو ما فجر الحرب
-هل كان المقصود عملية اغتيال فقط لوجود فرصة أمنية
أم انها عملية اغتيال لا ستدراج غزة الى حرب فى ظرف هو مثالي بالنسبة لاسرائيل ويتم خلاها التخلص من الترسانة العسكرية وتهشيم الاردة السياسية وكذلك اختبار النظام المصري والعربي الجديد .
أيا كان الأمر
قإن ما حدث هو ان الاغتيال تدحرج الى عملية "عامود السحاب" فى مواجهة "حجارة السجيل " في رمزية مواجهة قرآنية وتوراتية واضحة .
النقاط
-نجحت اسرائيل في اغتيال الجعبري وتلك نقطة كبيرة: إختراق النظام الأمني للمقاومة .
-بالمقابل نجحت المقاومة بالوصول للقدس وتل ابيب وهذه نقطة أكبر : اختراق نظام "القبة الحديدية " وهذا يعني باي باي أمن سرئيل على اقل حتى الاختبار القادم .إن جرؤ أحد عليه !!!
-قتلت اسرائيل المدنيين ودمرت البيوت والمؤسسات وأوقعت خسائر ضخمة بالبلاد والعباد وهذا لا يعتبر انجازا لاعسكريا ولا استراتيجيا فهو يعكس واقع مبزان قوى معروف كما أن هذا التدمير لم يحدث شللا في الارادة السياسية والعسكرية للمقاومة .وهنا تجب ملاحظة أن كل حروب التحرر والاستقلال تكون الشعوب الساعية للتحرر هي الأكثر تضحية وخسارة .مثلا
خسائر القيتناميين بلغت اضعاف خسائر الامريكان ..لكن من انتصر ؟
خسائر الجزائريين أضعاف أضعاف خسائر الفرنسيين ..لكن إرادة من تحققت ؟
تأكدت اسرائيل بأن العالم يُدلّعها فوق اللزوم ومع ذلك فإن بطنها الرخو لا يزال رخوا فمع سقوط صاروخ بالقرب من مطار اللد لا يفيد كل الدلع
-إقليميا مع ان اسرائيل نجحت في الحفاظ على "النظام المصري /العربي الجديد" في خانة الوساطة وربما حالت ولو الى حين من انتقاله من خانة التآمر الى خانة المقاومة .
النتيجة
اتفاق هدنة برعاية مصرية /امريكية نص على وقف العمليات العسكرية –القصف المتبادل – وقف الاغتيال –فتح المعابر امام البضائع واللجوء للراعي /مصر قبل أي رد فعل .
خسرت المقاومة أحد ابرز قادتها وتكبدت غزة الشهداء والدمار فيما خسرت اسرائيل ردعها وامنها وطمأنبنة جبهتها الداخلية.
غزة على الخارطة أكثر من أي وقت مضى و أمامها فرصة سانحة للتقدم والازدهار لو أحسنت التوافق والتوفيق مع القوى الاقليمية الكبرى الثلاث إيران تركبا مصر والمقاومة اثبتت الحضور السياسي الاقليمي والدولي عبر هذا الانجاز المضمخ بالشهادة والبطولة .بعد سقوط "حجارة السجيل" من غزة على تل ابيب الدنيا ستكون غير الدنبا .وان غدا لناظره قريب.
د.جمال الخطيب
عمان 22-11-2012