فلك الجمعاني .. ظاهرة اردنية متميزة
مالك نصراوين
25-11-2007 02:00 AM
لعل اروع ما افرزته الانتخابات البرلمانية الاردنية عام 2007 ، هو فوز الدكتورة فلك الجمعاني بالتنافس ، ففازت بالمقعد الوحيد لدائرة لواء ذيبان .ولمن لا يعرف لواء ذيبان ، فهو يتألف من بلدة ذيبان الصغيرة ومجموعة القرى المحيطة بها ، ويتبع هذا اللواء لمحافظة مأدبا الملاصقة لحدود العاصمة عمان من الجهة الجنوبية ، ولواء ذيبان ينبسط على السفح الشمالي لوادي الموجب السحيق ، ومن هناك يناجي شقيقه لواء القصر التابع لمحافظة الكرك ، والقابع على السفح الجنوبي لوادي الموجب .
يسكن لواء ذيبان ، عشائر بني حميدة ، وهم من العشائر العربية الاردنية الاصيلة ، وقد كانوا وربما ما زالوا الاقل حظا في وصول التنمية لهم ، وتشكل بيئتهم بيئة ريفية بدوية ، وقد نال الكثير من ابناء اللواء قسطا وافرا من العلم والثقافة ومنهم الدكتورة فلك الجمعاني ، طبيبة الاسنان التي عملت في الخدمات الطبية الملكية ، التابعة للقوات المسلحة الاردنية ، وتميزت بانها اول امرأة في الاردن تصل الى رتبة لواء طبيب في الجيش الاردني .
لقد عرف الاردن منذ سنوات طويلة ، وبالاخص في العاصمة عمان ، باقامة الندوات والمحاضرات وورش العمل والكثير من النشاطات السياسية ، التي كان هدفها دعم المرأة في نيل حقوقها وممارسة دورها الوطني والسياسي ، ومجلس النواب هو احد اهم حواضن هذه الممارسة ، فلم تفلح كل تلك النشاطات على امتداد السنوات الطويلة ، في تحقيق حلم المرأة في الوصول للبرلمان ، وقد تحقق ذلك جزئيا في انتخابات عام 1993 بفوز السيدة توجان فيصل في الدائرة السادسة بعمان ، لكن هذا الفوز كان مؤطرا باطار كوتا المقاعد الشركسية ، مما جعل وصولها رغم صعوبته اسهل من فوز امرأة بدون وجود أي كوتا ، ومن خلال التنافس الحر على مقعد واحد ، وهذه النتيجة لعمان لم تكن مرضية ، فعمان هي بؤرة كل انشطة الوطن الثقافية والسياسية والاجتماعية ، وفيها النخب المشبعة بثقافة التحرر والمساواة ، وكان المؤمل ان تنتصر عمان اولا للمرأة ، وبالأخص عمان الغربية ، كثمرة طبيعية لكل هذا الجهد المبذول في تغيير المفاهيم السائدة ، وكترجمة عملية لها من خلال صناديق الاقتراع ، لكن ذلك لم يتحقق ، لا بل ان المرأة نفسها قد خذلت المرأة ، فلم تصوت لبنات جنسها ، فاضطرت الحكومة الاردنية الى ايجاد كوتا خاصة بالنساء ، محددة بستة مقاعد ، على اساس اعلى ست نسب مئوية تحصل عليها المرأة نسبة الى العدد الفعلي للمقترعين ، مع ابقاء الباب مفتوحا لفوزها بالتنافس الحر .
الى ان جاء لواء ذيبان ، الذي لا اعتقد ان ندوة واحدة عقدت فيه ، تحث على نصرة المرأة ، ومساندتها في نيل حقوقها الوطنية والسياسية ، ولم تعش به النخب السياسية والنقابية والثقافية التي تعيش في عمان ، ومع ذلك قلب سكان اللواء المعادلة ، وانتصروا للمرأة بوعيهم الفطري ، وما لمسوه فيها من تفان لخدمة مجتمعها ووطنها ، خلال دورتها النيابية السابقة ، والتي فازت بها من خلال الكوتا النسائية .
لقد اعاد لواء ذيبان للعروبة نقاؤها واصالتها ، واعاد للاسلام ضيائه المشرق ، والذي عمل المتطرفون والاصوليون على تشويهه على مدار عشرات السنوات ، فلم تفلح ثقافتهم المعادية للمرأة ، والمعادية لنيلها حقوقها ، في ثني اهل لواء ذيبان عن اختيار سيدة كي تحتل مقعدهم الوحيد في البرلمان ، فتحية لاهلنا في لواء ذيبان الأشم .
m_nasrawin@yahoo.com