عمون - ليس من مصلحة أية حكومة في العالم أن تتخذ قرارات غير شعبية تؤجج الشارع وتنشر حالة من عدم اليقين في أي ظرف كان، فما بالك والشارع محتقن أصلا بفعل معطيات محلية وخارجية على حد سواء.
والواضح أننا اليوم أمام قرارات شعارها ما أَجبرك على المُر إلا الأمرَّ منه. وقد ورثت الحكومة الحالية تركة ثقيلة للغاية جاءت بفعل ترحيل المشاكل والحلول في آن واحد.
وقد ساهم الكثيرون في السابق، بما في ذلك وزير المالية قبل دخوله الحكومة السابقة، باقتراح حلول آنية فورية وأخرى هيكلية إستراتيجية تقوم على تصويب العديد من الاختلالات في وضع الموازنة العامة.
وقد كان هناك العديد من الفرص التصحيحية التي كانت ستحرر البلاد من العديد من التشوهات وتوفر موارد مالية إضافية للموازنة ليس على رأسها جيب المواطن عبر تعديلات في القوانين والتشريعات وبوجود مجلس النواب السابق والغريب أن الحكومتين السابقتين على الأقل لم تصرّا عليها ولم تلجآ إليها بإصرار على النحو الذي نشهده حاليا.
على كل، الحكمة بأثر رجعي لا تنفع ولا تسمن من جوع. أما وقد اتخذت الحكومة قرارات أقل ما يمكن وصفها بأنها قرارات صعبة ومريرة تُحمل العديد من المواطنين أعباءً لم يتجهزوا لها ويصعب عليهم وعلينا استيعابها، فقد بات من المهم التنبيه الى مجموعة من القضايا.
الأولى؛ من الواضح أن ما ينظر إليه الاقتصاديون من أرقام رسمية يتم على أساسها اجتراح الحلول هي في الواقع غير دقيقة ويبدو أن الواقع مؤلم أكثر مما تشير إليه الأرقام المعلنة، وعليه فمن الصعب تقديم أي حلول أخرى في غياب المعلومة الصادقة.
والقضية الثانية؛ تتمثل في أن الرشد لا يُطلب من الحكومات فحسب بل أيضا من المواطنين، ويأتي في مقدمة الرشد المطلوب ضرورة ترشيد الاستهلاك على أن تكون الحكومة هي القدوة، وضرورة الرشد في التعبير عن ردة الفعل وذلك ببساطة عن طريق عدم المساس بممتلكات الوطن والمواطن وعدم الخروج على وسائل التعبير المشروعة والسلمية والحضارية في التعامل مع القرارات الأخيرة لكي لا نكون كمن يخربون بيوتهم بأيديهم لا سمح الله.
والرشد أيضا يحتم أن تعيد الحكومة دراسة قراراتها وأثرها على المواطنين وإشراك خلية عمل متخصصة من خارج الحكومة بمشاركة نوعية من أطياف النسيج الأردني كافة للوصول الى كتاب ابيض حول حقيقة الأمور ومتطلبات الخروج من الأزمة.
وختاما؛ بات من غير المنطقي اقتراح أي حلول فورية ومُستنتجة مما يُنشر من أرقام رسمية، فالواضح أن الحقيقة الكاملة ليست معلنة فعلا وهناك ضبابية حول الأوضاع الحقيقية والرشد يحتم كشف المستور ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم، حتى لا يُشكك الرسميون بأي حل نقدمه فيكيلون إلينا التهم ونحن نعمل في ظل المعطيات التي نقرأ عنها ونكون مغيبين عما يعرفون هم من دوننا!!! فهل من سر خفي يحتم رشدا من نوع جديد؟
kwazani@orange.jo
العرب اليوم