مشهد غير واضح لقرار نقابة المعلمين بالإضراب عن العمل ومدى الإلتزام به، ففي الوقت الذي التزمت فيه بعض المدارس الحكومية ومدارس التعليم الخاص بدوامها رسميا في اليوم الأول من الإضراب، تؤكد نقابة المعلمين بأن 80% من المعلمين التزموا بقرار النقابة وأن نسبة الإلتزام في العاصمة عمان وصلت لـ 95%، وشخصياً لا أعرف كيف يتم احتساب هذه النسب فمنذ الصغر وأعاني من الرياضيات.

أحد مسؤولي النقابة يستهجن ارسال الأهالي لأبنائهم للمدارس وأن النقابة مصرة على المضي في الإعتصام لحين تحقيق مطالبهم، وكأن في كلماته لغة التهديد بعدم ارسال أي طالب، في حين عبر عدد من الأهالي عن "امتعاضهم" من إجراءات النقابة، فمنهم لم يرسل أبناءه للمدرسة لعدم وجود تدريس، فلماذا يكبدهم عناء المشوار في ظل الصحوة المبكرة مع آذان الفجر!

لا يختلف اثنان على حق المعلمين "كما هو حقنا جميعا" في التعبير عن الرأي وإعتراض على أي قرار يمس حياتهم بشكل مباشر بإعتبارهم جزء أساسي من مكونات المجتمع الأردني بكافة أشكال التعبير السلمية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل يحق للنقابة تنفيذ الإعتصام خلال أوقات الدوام الرسمي؟ ولمصلحة من؟ ولماذا المعلمين في هذه المرحلة؟ أم أن ذلك يتنافى مع سمو رسالة المعلم ومكانته "المقدسة" في المجتمع.

تقول المادة 4 فقرة أ من قانون نقابة المعلمين لسنة 2011 أن النقابة أسست لتعمل على الإرتقـاء برسالة المعلم ومهنته وتطويرها والمحافظة على أخلاقياتها وتقاليدها، في حين تتطرق المادة 5 من ذات القانون إلى المحافظة على متطلبات العملية التربوية ورعاية مصلحة الطالب وعدم الإضرار بحقه في التعلم، وعدم ممارسة الأنشطة الحزبية، إضافة إلى اللجوء الى الاساليب المشروعة في تبني مطالب المعلمين و"خاصة الحوار.

من خلال هذه القراءة السريعة تصر النقابة بهذه الإجراءات على تنصيب نفسها بالواجهة وامتحان الدولة والشعب معاً بأكثر من مساق، في حين يفترض بها والتي هي وليدة اللحظة "بولادة عسيرة" أن تكون على قدر المسؤولية في هكذا ظرف يمر به الوطن، لا أن تكون أداة في أيدٍ عابثة بأمن الوطن والمواطن، فما هو سر هذه الحدية وعلى حساب من؟ على حساب الطالب والأهل الذي عانوا ما عانوا خلا فترة سبقت أثناء اعتصام المعلمين لتأسيس نقابتهم المجيدة.

ما جاء في قانون النقابة يفترض أن يكون نبراس عمل لنقيب المعلمين وزملاءه لا أن تشكل النقابة طعنة في خاصرة الوطن وكلما "طار طير" تقف النقابة بالواجهة وتلوح بالإعتصام رافضة أي شكل من أشكال الحوار، وبالتالي الإضرار بمصلحة الطالب والأهل معا.

لا نريد مواثيق شرف أخلاقية ولا قوانين تنظيمية تحكم عمل المعلم وخوفه على مصلحة الطالب، بقدر ما نريد صحوة في الوجدان وخوف على مستقبل الأجيال فالمعلمون هم صانعوا المستقبل وحماة الأجيال لهم منا كل التقدير على نبل رسالتهم لكن ما هكذا تورد الإبل؟

أيقن أن عددا كبيرا من المعلمين غير راضين عن هذه الأساليب في تطويع الطرف الآخر ولن تكون من أساليبهم في يوم ما، وما التزام بعضهم إلا عن غير طيب خاطر سواء بالتخجيل أو غيرها من الأساليب، فمنهم أخواني وأصدقائي وأقربائي لكن يجب أن نقول..أفيقوا أيها المعلمون ولا تجعلوا الشعب يلعن تلك اللحظة التي ولدت فيها نقابتكم؟

Mohammadd1985@yahoo.com