عمون- وقع الفأس في الرأس، ورفعت الحكومة أسعار المشتقات النفطية، فخرج مواطنون ومسيسون للشوارع للاحتجاج، وشهدت الاحتجاجات سقف هتافات مرتفعا، رافق ذلك اعتداء على مقرات حكومية، ومؤسسات خاصة، وبعض عمليات النهب والسلب.
وتيرة المسيرات والاحتجاجات اختلفت عن مرات سابقة، سواء من حيث السقوف، أو من حيث توسيع نطاق المشاركة لتشمل أغلب محافظات المملكة، إضافة لاستمرار الاحتجاجات بشكل يومي.
لا أريد أن أكون أحادي الجانب والنظر، كما البعض الذي أريد لهم ذلك، وأُعزي ما حصل من مسيرات ومظاهرات عفوية لطرف أو جهة حزبية واحدة كجبهة العمل الإسلامي، أو مجموعات حراكية، فما حصل، وفق ما رأيت سواء في المحافظات أو المسجد الحسيني أو دوار الداخلية في عمان، قام به مواطنون عبروا عن غضبتهم مما أعلن عن ارتفاع للأسعار، فتحركوا بدون إيعاز من أحد، وان كان البعض التحق بهم وشاركهم وقفتهم.
كفانا وضع رؤوسنا في الرمال، والبحث عن مشاجب لنعلق عليها ما نرتكب من أخطاء، فلو كان حزب جبهة العمل الإسلامي يمتلك القدرة على إخراج الناس من بيوتهم ليلا من الطرة إلى العقبة للاحتجاج ضد الحكومة، فلماذا تقول الجهات عينها إن تأثيرهم في الشارع لا يتعدى 5 %.
مشكلتنا لا تحل في الاختلاف على تحديد المسؤول عن إخرج الناس للشارع، أو أنهم خرجوا من تلقاء أنفسهم، وإنما يبدأ حل المشكلة في تحديد السبب الحقيقي الذي استدعى الناس للخروج للشارع والاحتجاج، وهو رفض إجراءات الحكومة وخطتها لمواجهة عجز الموازنة.
ما أخرج الناس (وقد تحدثت مع بعضهم) هو شعورهم أن نسبة الرفع لا تطاق، وذاك سيشكل عبئا إضافيا على جيوبهم، وأن الحكومة الحالية أو اللاحقة (لا فرق) ستقول لهم بعد فترة أيضا إن الموازنة تعاني، وعلينا كمواطنين تحمل رفع جديد للضرائب، والكهرباء، والماء.
طبعا سنسمع كلاما مكرورا، دون أن يخرج علينا أحد من المسؤولين الحكوميين ليحدثنا عن المناقلات التي سيتم إحداثها على الموازنة، وإن كان سيتم تخفيض الإنفاق في بعض البنود في الموازنة وترحيلها لصالح بنود أخرى تهم المواطن كالصحة والتعليم والخدمات، وغيرها، ومعرفة أين يذهب كل قرش فيها وأين يصرف.
لن يقتنع المواطن بصدق الحكومة بدون أن يلمس قبل ذلك، وليس بعده أن الحكومة جادة في تخفيض النفقات، وأن التخفيض الذي يجري الحديث عنه ليس للاستهلاك الإعلامي، وإنما حقيقي وملموس.
لن يقتنع المواطن بصدق الحكومة الحالية وسبق أن فقد ثقته بحكوماته المتعاقبة، وبمجالس نوابه المتعاقبة، بسبب ما حصل مع السلطات التنفيذية والتشريعية من تغول من قبل إطراف ومراكز قوى عليها، لدرجة أنه بات يشعر أن رئيس الوزراء عندنا موظف عليه تنفيذ الرغبات والأوامر، وليس له حق النقاش والتفكير، وهو ما حصل مع مجالس النواب السابقة بعد أن فقدت قوتها وإقناعها وحضورها، فباتت مطية للحكومات ولجهات أخرى.
لن يطمئن المواطن لما تقوله الحكومة الحالية بدون أن يشعر أن ابن الحراث والغفير يعامل أينما حل معاملة ابن الوزير والسفير، وأن حقه في الوظيفة محجوز لا يعتدي عليه أحد، ولا يحتاج لواسطة أو مسؤول لكي يمرر معاملته.
أخيرا.. فإن حق التعبير وإبداء الرأي، لا يمنح أي جهة الحق في الاعتداء على الممتلكات والمباني العامة والخاصة، والقيام بأعمال حرق وسلب ونهب وفوضى، فكل تلك الأشكال مرفوضة بالكامل، وهي وسيلة يقوم بها من لا يمتلك القدرة على القول والإقناع، وطريقة تنبئ عن فهم خاطئ للمواطنة. "الغد"
Jihad.mansi@alghad.jo