غير مفهومة بعض ردود الفعل على قرار رفع الدعم عن المحروقات ,هذه ناهيك عن كونها غير مقبولة بالاساس ,ولكن حتى الجنون احيانا يكون مفهوما ويعامل على انه مرض يحتاج للعلاج ,اذ كيف نفهم ضرب الناس للناس وما هي حجة المعترضين في تكسير زجاج مدرسة او حرق منشأة او سيارة,وأي لغز وراء اقدام مواطن على اطلاق النار على محول الكهرباء في قريته ,اليس هذا نوع من الجنون الغامض مثله مثل الاوبئة الفيروسية التي ظهرت في السنوات الأخيرة ,جنون البقر مثلا او انفلونزا الطيور ..!؟
في المحاكم لا تعتبر الافعال الناجمة عن الغضب بينات لنيل البراءة لكنها قد تؤخذ بعين الاعتبار في تخفيف العقوبة ,والمهم هنا أن لا تمر الافعال التي ارتكبت بذريعة الجنون والغضب او الهستيريا بدون عقاب ,وبعض العقوبات يجب ان تتساوى مع حجم الجرم ,فكيف اذن بالانتهاكات المقصودة والتي نفذت عن سبق اصرار وترصد ,وكيف يمكن تمرير افعال مدبرة ومخطط لها قبل قرار رفع الدعم عن المحروقات وانما قبل سنوات وبعض الافعال المشينة نفذ على رؤوس الاشهاد لكنه انتهى الى عفو ويا دار ما دخلك شر والهدف ان نقول للعالم اننا بلد متسامح , وثبت لنا اليوم ان التسامح - وإن نفع في خمسينيات وستينيات وسبعينات القرن الماضي- لكنه لم يعد ينفع اليوم, وتحديدا منذ ان تساهلت الدولة مع الذين افتعلوا الشجارات الطلابية وادخلوا المسدسات والسكاكين والبلطات الى جامعاتنا,ومنذ ان عفونا عمن قطعوا الطرق ورشقوا سيارات المارة بالحجارة ومنذ ان سكتت الحكومات عن الشجارات الجماعية والعشائرية وتنازلت لكل غاضب لأن تشكيلة الحكومة او الاعيان او النواب لم تشمله ,وبدلا من محاسبته بموجب القانون بلغ تسامح الحكومات مع هؤلاء درجة تنصيبهم ومنحهم الامتيازات تلافيا لغضبهم او غضب اتباعهم ,ودرجت في البلد قاعدة (عشيرة ما فيها جهال راحت حقوقها ) والجهال هنا كلمة رديفة للزعران والبلطجية وقطاع الطرق ,ثم سرعان ما انتشر سحر هذا الدواء الى المناطق والمحافظات ليصبح لعبة سياسية يمارسها المحبطون والطامحون ,ومنذ أن سادت شريعة ( من يغضب يكسب) اصبحت الادارات تتشكل ممن يريدون وليس ممن يستحقون ,ومن الغاضبين وليس الكفوئين,ثم جاءنا البلاء من خارج الحدود ليضيف الى مصائبنا جديدا لم نعرفه رغم تجاربنا العديدة في استقبال اللاجئين والهاربين الى بيتنا الآمن,ولنتوقف هذه المرة عند احداث الساعة ,فمن يقتنع ان هذه الاحتجاجات الآن تأتي ردا على قرار رفع الدعم عن المحروقات ,فلو كانت لتولاها المتضررون والفقراء والعاطلون عن العمل والمظلومون ,ولما تلثم زبائنها كما يحدث الآن في شوارع المدن والقرى , ولو جاءت للاحتجاج على ارتفاع الاسعار فعلا لما شهدت رجم رجال الشرطة والدرك بالحجارة وهم الفئة الأفقر بين الاردنيين.
كنا نعرف ان شيئا من هذا القبيل سيحدث منذ ان فتحت الحدود للاجئين والمخبرين وللارهابيين تحت يافطة الانسانية ,وقد افشلنا مخطط التفجيرات الذي توقعناه ايضا لاننا نعرف الى اي درجة يحتاجه اصحابه ,والآن وبعد اصبح اللاجئي الذي وصل لا ندري كيف ,وما اذا كان لاجئا ام مندسا او مكلفا بمهمة العبث بالبلد فدخل سوق العمل واصبح بائع خضار وخباز ومواسرجي بل وصيدلانيا وطبيبا ومهندسا مشرفا على بيوتنا ,ماذا نتوقع اذن ,فاذا كانت المهمة تسميمنا ستنجح ,واذا كانت المهمة تخريب البلد ستنجح ,فاللاجئون اليوم يديرون الشغل ,كل الشغل ,فبأيديهم تصل المياه الى البيوت ويباع الدواء في الصيدليات ويقدم للاردنيين, وبأيديهم تضاء انوار المراكز التجارية وتملأ خزانات السيارات بالوقود ومن أيديهم نتناول ارغفة الخبز,فلماذا نتفاجأ اذا تلثم ( المحتجون ) في الشوارع او اذا ذاع صيت القراصنة على الرطقات الخارجية ..!؟
الراي