مستشفانا في غزة اكبر دعم .. ولكن هل المطلوب اضعاف الاردن ؟
د.بكر خازر المجالي
18-11-2012 03:13 PM
عمون- تتعرض غزة العرب والهواشم لهجوم ليس الاول ولن يكون الاخير
.. ولكن في غمرة احداثنا المؤسفة وغير المسؤلة الداخلية في بلدنا الكبير وامتدادا لحالة الربيع العربي التي الغت او كادت تلغي شيء اسمه القضية الفلسطينية ، لم نتعظ ابدا ولم يدرك اهل الحراك ايا نوعه واتجاهه ان الخطر المحدق في غزة هو ذاته الخطر الذي يتهددنا نحن خاصة الدول المعنية مباشرة بملف اللاجئين والقدس والدولة الفلسطينية، ولا اعتقد ان المواطنة الحقيقية والتي تدرك حجم هذه الاخطار ان ترى في رفع سعر اسطوانة الغاز هو نهاية الخطر ، وان خطر قصف غزة وتدميرها هو اقل بكثير وذو اولوية متخلفة قياسا مع رفع اسعار الوقود ..
ونرى تسابق بعض الوزراء والرؤساء في التعاطف مع غزة ، ولكن لم يدرك اهل الجامع الحسيني وقَُُّطاع الطرق والمتربصون في المثلثات والدواوير ومهاجمي دوائر الخدمات ومراكز الامن نوع التعاطف الاردني مع اهل غزة الذي هو رغم شح اليد والضيق المالي فهو يمس كل بيت من اهل غزة الصامدة من خلال المستشفى العسكري الاردني الكبير الذي يستقبل ما لا يقل عن اربعمائة مراجع يوميا واجراء كل انواع العمليات وتقديم الادوية مجانا والتعاون مع الهيئات الطبية في غزة لتقديم الاستشارات والادوية والمعدات عدا عن قوافل الخير خاصة من الهيئة الخيرية الهاشمية اليها.
مستشفى غزة العسكري الاردني الذي دخل الى المدينة عام 2009 في ظروف العدوان السابق الذي اكتسح غزة قد تجاوز عدد مراجعيه المليون ،
وهنا نريد ان نسأل كم هي تكلفة هذا المستشفى اليومية من خلال ما يستهلكه من ملتزمات وادوية ؟ وكم هي كلفة العمليات الجراحية المختلفة ، وما هو دور هذا المستشفى وتأثيره في القطاع .. كان هناك حديث لوزير الداخلية الحمساوي فتحي حماد وقد قال : ان المستشفى الاردني هو سفارة حقيقية لدينا ،وان من يريد ان يدعم ويسند قطاع غزة عليه ان يكون مثل النموذج الاردني الذي يمارس الدعم عمليا .
غزة هاشم تستصرخ الدنيا ،وامر جلالة الملك عبدالله الثاني بارسال مساعدات عاجلة الى غزة ، مع استمرار دور المستشفى الذي يقدم خدمات عالية الجودة لاهلنا وارسى المستشفى علاقات طبيعية واخوية بين الشعبين الاردني والفلسطيني في غزة علاوة على العلاقات التاريخية بيننا .
كشفت الاحداث الاخيرة في بلدنا العزيز الفقر في حالة الوعي الوطني ، وان هناك فشل واضح في التربية السياسية الوطنية لدى الجامعات والهيئات الشبابية ،وان هناك نقص في هذه البرامج او ضعفها او حتى اعتبارها هامشية ، بدليل أنه لا يوجد لدينا متحف تاريخي وطني يتحدث عن سيرة بناء الدولة الاردنية وتاريخها السياسي والعسكري باستثناء صرح الشهيد والذي لا زالت جهود تطويره متعثرة ، ولعل الزائر لصرح شهداء الكرامة في الشونة الجنوبية يسأل نفسه هل يمكن لهذا التمثال المنصوب منفردا في عزلة ان يقدم لي شيئا عن تاريخ هذه المعركة الخالدة ؟؟ ناهيك عن ان المتحف الوطني في راس العين لا يقدم اي خدمة وطنية تتعلق بالبناء المعنوي وتعزيز معاني الولاء والانتماء والمواطنة بقدر ما هو متحف اثار فقط يركز على تاريخ روما واليونان والانباط وبتركيز مقصود عليها ،
نعم ان وطننا الاردني الغني بمواقفه العربية الصادقة ،صاحب اكبر سجل من الشهداء الذي سقطوا في سبيل فلسطين والقدس ،وهو الوطن والجيش الذي يحاول ولا زال ان يقدم كل غال ونفيس في سبيل قضايا الامة ، هذا الوطن يستحق مواطنا اردنيا يعي التحديات والاخطار من حولنا التي اذا ما دخلت الينا خاصة بواسطة العابثين بيننا فاننا جميعا سندفع ثمنا باهظا من امننا واستقرارنا وسيجد نفس المحرضين والعابثين انفسهم في خسران لكل شيء لانهم سيقدمون بجهالتهم هذا الوطن لقمة سائغة للمتربصين به والذين يريدون له الفوضى وان يستبيحه من هب ودب تمهيدا لتنفيذ مخططات تعود الى تاريخ وعد للفور . .
هذا هو الاردن صاحب التاريخ العريق ، الاردن الذي يحمل ملف القدس الغالية ويحافظ عليها ويدفع من موازنته يوميا لتبقى عربية الهوية ، وهو الاردن القوي رغم محاولات اضعافه الذي يعي كل المؤامرات الداخلية ويعي معاني الهتنافات المؤذية ويعي مصدر كل ما يجري طالما توفر لهذا البلد هذا الجيش العربي الاردني وهذا الامن العام الواعي وقوات الدرك المتأهبة بقوة ورجال الدفاع المدني الذين يحمون مكتسبات الوطن ضد الكوارث المختلفة ليضاف اليها كارثة العابثين والمارقين .
دعوة نستشفها من خلال هذه الاحداث لمراجعة برامجنا الوطنية واسس التربية في المدارس والجامعات ، وندرك الفقر الثقافي الوطني ولكن لا يمكن ان نستمر في السكوت عن الاختلالات في هذا المجال الذي لا يخلو من اخطاء تتم برعاية ما احيانا .وايضا نرى ان هناك ضعفا في اساليب تسويق اعلامنا وتفعيله وتبني استراتيجيات تدرك التأثير في المجتمع وتنطلق من وصف الاحداث الى التحليل المقنع وتدرك اهداف العابثين وكيفية تقدير وافساح المجال امام الواعين ليخدموا ويؤدوا واجبهم باقتدار لاسناد الرسالة الاعلامية الوطنية .
سيبقى الاردن جيشا وشعبا في خندق المواطنة والوطن ليبقى هذا الاردن سيدا عظيما بعون الله ولا يمكن لاي عابث ان ينجح وكفى ان كل اردني في داخله اسد هصور . .