إغتيال الشهيد أحمد الجعبري في 14 / تشرين الثاني ، خسارة مادية بشرية قيادية كبيرة لحركة حماس ، وخسارة معنوية أكبر للشعب الفلسطيني ، في إعطاء الدلالة على إستمرارية القدرة الأسرائيلية ، في الوصول إلى أهم الأهداف الفلسطينية والنيل منها ، مما يرفع من منسوب الروح المعنوية للأسرائيليين رغم مواقفهم غير المنطقية وسياساتهم الظالمة ونهجهم غير الأنساني وسلوكهم غير الأخلاقي ، وفي نفس الوقت يضرب الروح المعنوية للفلسطينيين الذين يملكون الحق في مطالبهم والعدالة في تطلعاتهم ويحتاجون لروافع لمواصلة نضالهم في مواجهة العدو المتفوق ، على طريق هزيمته .
صواريخ حماس ، في وصولها إلى المستعمرات الأسرائيلية ، مهما بدت متواضعة ، ولكنها تشبع الغرور وتخدع النفس على توفر القدرة على إيذاء العدو ، وتمنحنا الوهم على مواصلة التسلح ، لخلق حالة من توازن الرعب ، بيننا وبين العدو ، كما سبق وفعلت صواريخ حزب الله ، ومن قبلها صواريخ الشهيد صدام حسين ، إنها تجسد الصراع بين طرفين متقابلين ، مفتوح لهما القدرة على التسلح لمواجهة بعضهما البعض ، وهي رغبة وحقيقة ، غير مسموح لها في واقع الصراع الفلسطيني الأسرائيلي ، ولن تكتمل معطياتها وفق ما هو متاح ، وأثمانها غير متعادلة ، ونتائجها غير متكافئة .
زيارة رئيس الوزراء المصري هشام قنديل ، غير المسبوقة إلى غزة ، تستهدف كما قال " وقف العدوان وقيام التهدئة وإستمراريتها " وجاءت بناء على إتفاق بين أوباما ومحمد مرسي ، وحث من قبل واشنطن لتدخل مصري لضبط الأنفعال الحمساوي وإعادة عجلة الحياة كما كانت قبل إستشهاد قائد حركة حماس الميداني ، ولكن الزيارة في نفس الوقت وما سيتلوها من الوزيرين التونسي والمغربي ، وكلاهما من حركة الأخوان المسلمين ومن سيعقبهم ، ستعزز من نتائج زيارة الأمير القطري الأفتتاحية 23/ تشرين الأول إلى " غزة المحررة المستقلة " ، والأستجابة لأن تكون غزة ومن ثم حماس عنوان فلسطين وعاصمتها ، وصاحبة القرار لها وفيها .
الرد الفلسطيني ، على همجية الأحتلال ، وبرامجه العسكرية المعلنة ، والأمنية المخفية غير المرئية ، ومن ضمنها الدفع بإتجاه أن تكون غزة هي عنوان فلسطين ، يكون عبر مسألتين لا ثالث لهما :
أولاً : التراجع عن الأنقلاب وإنهاء الأنقسام وإستعادة الوحدة ، والأحتكام مرة أخرى إلى صناديق الأقتراع ، لولادة قيادة فلسطينية مشتركة من الكل الفلسطيني الذي يجمع كافة المكونات الفلسطينية .
ثانياً : 1- صياغة برنامج وطني فلسطيني مشترك ، 2- ومؤسسة تمثيلية موحدة ، 3- و إختيار الأدوات الكفاحية المناسبة لمواصلة النضال بهدف توجيه ضربات موجعة للعدو كي تتم هزيمته أخلاقياً ومعنوياً ومادياً أمام الأسرائيليين وأمام المجتمع الدولي على طريق هزيمة مشروعه الأستعماري التوسعي برمته .
التفوق الأسرائيلي ليس قدراً ، لا يمكن هزيمته ، فقد كان الجزائريون الأضعف أمام الفرنسيين ، والفيتناميون أمام الأميركيين ، والأفغان أمام السوفيت ، ولكن لكل شعب ظروفه الحسية الملموسة التي إستوجبت الرد الواقعي مسنوداً بما تتوفر لديه من عمليات دعم وإسناد من الأشقاء والأصدقاء ، ولو دققنا بمسار ثورة الربيع العربي التي ما زالت وقائعها أمامنا ساخنة وطرية ، نجد أن لكل شعب ظروفه الخاصة ، فقد إقتربت الوقائع التونسية والمصرية واليمنية من بعضها ، والليبية والسورية من بعضها ، والمغربية والأردنية ، والنتيجة واحدة للأنظمة الجمهورية أن تكون رئاساتها منتخبة من صناديق الأقتراع ، والملكية أن تكون حكوماتها برلمانية حزبية ، والباقي على الطريق .
الشعب الفلسطيني ، بعد أوسلو 1993 ، وبعد إخراج غزة من سقف الأحتلال 2005 ومحاصرة به ، يحتاج لرؤية وبرنامج ، مثلما يحتاج لقيادة موحدة ، تفرزها صناديق الأقتراع ، لا أن تبقى غزة محكومة بعد الحسم العسكري 2007 ، شبيهة بما كانت تئن به ليبيا ومصر وتونس واليمن قبل ثورة الربيع العربي .
الأحتلال الأسرئيلي ليس قدراً ، لن نتخلص منه ، بل هو مشروع إستعماري عابر مهما إمتلك أدوات القهر ، ومهما بدا متفوقاً ، فالمشكلة لا تكمن فقط بتفوقه ، بل بضعفنا ، وضعفنا ليس قدراً لا يمكن التخلص منه ، بل يملك الشعب الفلسطيني مقومات الصمود أمام تفوق العدو ، مثلما يمتلك إمكانات هزيمته وعلينا أن نتذكر أن الحجر الفلسطيني في الأنتفاضة الشعبية الأولى هزم الدبابة عام 1987 ، وأرغمها على التسليم والأعتراف بالحقائق الفلسطينية الثلاثة :
الأعتراف بالشعب والأعتراف بمنظمة التحرير والأعتراف بالحقوق السياسية المشروعة لهذا الشعب ولهذه القيادة .