هل تنسحب أميركا من الشرق الأوسط؟
mohammad
16-11-2012 11:45 AM
تحت رئاسة باراك أوباما ، انسحبت أميركا من العراق بعد تكبدها خسائر مالية وبشرية فادحة ، راضية من الغنيمة بالإياب. وهي تتعجل الآن الانسحاب من أفغانسـتان في أقرب وقت ممكن ، فهل يعني ذلك أنها سوف تنسحب من منطقة الشرق الأوسط كما يدعو البعض.
هذا البعض الداعي للانسحاب ينقسم إلى قسمين ، الأول يمثل الاتجاه الإنعزالي الأميركي الذي كان راسخأً لمدة طويلة قبل تورط أميركا في شؤون العالم خلال القرن العشرين بما في ذلك خوض حربين عالميتين.
والثاني يمثل من يعتقدون أن منطقة الشرق الأوسط في الجيب ، وأن على أميركا أن تركز اهتمامها بعد اليوم على القوى الجديدة الصاعدة التي تمثل التحدي الحقيقي لسلطة أميركا عالمياً. وفي المقدمة الصين ، التي توشك أن تصبح عملاقاً اقتصادياً وعسكرياً يحسب له ألف حساب.
مع ذلك فإن من المشكوك فيه أن تنجح دعوة الداعين للانسحاب الأميركي سياسياً وعسكرياً من الشرق الأوسط ، لأن لأميركا مصالح استراتيجية في المنطقة لا تستطيع ولا ترغب في التخلي عنها ، وفي المقدمة إسرائيل والبترول والإرهاب.
لا تستطيع أية إدارة أميركية أن تتخلى عن التزاماتها تجاه إسرائيل ، لأن الأخيرة تملك قوى أميركية داخلية ضاغطة تستطيع إحراج وربما إسقاط من يحاول ذلك.
ولا تستطيع أية إدارة أميركية أن تتخلى عن هيمنتها الضمنية على البترول العربي وتأمين حرية وصوله إلى الأسواق العالمية. وفي هذا المجال يعتبر مضيق هرمز مثلاً نقطة أمن دولية لا تحتمل التساهل.
ولا تستطيع أميركا أن تتغاضى عن خطر الإرهاب ومصادر إنتاجه في المنطقة. ويقول خبراؤها أنه حتى لو انسحبت أميركا عسكرياً من منطقة الشرق الأوسط فإن الإرهاب لن يتركها لحالها ، ولذا فهي تفضل أن تلاحقه في ارضه ، لا أن تنتظره في أرضها.
بالنتيجة فإن أميركا كانت وستظل في المستقبل المنظور قوة شرق أوسطية وجارة سياسية وعسكرية لجميع الدول في المنطقة. وهي بوضوح أحد أهم العوامل التي تقرر الاتجاهات العامة للتطورات الإقليمية ، كما أصبحت في المدة الأخيرة تأخذ على عاتقها تهيئة بعض الجهات لاستلام الحكم إذا كانت قادرة على تأمين المصالح الاستراتيجية الثلاث المشار إليها أعلاه.
الراي.