مختصون: الحكومة قفزت عن جملة من الحلول الاقتصادية واختارت "رفع الدعم"
15-11-2012 12:25 PM
عمون - الأضرار الاقتصادية لقرار رفع الدعم تفوق عوائده المالية الطبقة الوسطى هي الفئة الاكثر تضرراً من اجراءات الحكومة توقعات بموجة غلاء جديدة وترجيح وصول "التضخم" الى 10 % مطالب بتأجيل تحرير المحروقات لما بعد مضاعفة "البدل النقدي" الاجراءات الحكومية المتزامنة مع رفع الاسعار "غير كافية"
مطالب بمزيد من سياسات واجراءات ترشيد الانفاق الحكومي وضبطه
الحلايقة: تكاليف المعيشة سترتفع على المواطن رغم "الدعم النقدي"
منصور: اضرار الاعتصامات والاضرابات ضعف العوائد الحكومية من القرار
منصور يطالب ببرنامج تقشفي للانفاق الحكومي في ظل وجود هدر بنسبة 15 % بالموازنة
الزعبي: دفع مبالغ التعويض النقدي قبل تحرير الاسعار
العجارمه: الاردنيون لا يعارضون رفع الدعم في حال كان "خاتمة الاحزان"
الحمارنة: الحكومة لم تلتفت الى اقتراحات مؤسسات المجتمع المدني
أكد مختصون ان التكاليف الاقتصادية لقرار رفع الدعم عن المحروقات سيفوق العوائد الماليه المباشرة للخزينة العامة.
واشاروا في تصريحات لـ"العرب اليوم" الى ان الحكومة قفزت عن جملة من الحلول التي تم طرحها سابقاً من ابرزها مكافحة التهرب الضريبي، ورفع الضرائب على "الكماليات" متجهة الى رفع الدعم.
واشاروا الى ان هذا القرار سيعطي نتائجه حيال الماليه العامة الا انه سيثقل كاهل الكثير من الشرائح وخاصة الطبقة الوسطى مطالبين بخطة حكومية واضحة المعالم لوقف الهدر في الموازنة العامة واتباع وسائل التقشف المالي في الانفاق العام.
ورجحوا، ان ينفلت معدل التضخم الاقتصادي الى ضعف النسبة الحالية البالغة 5 بالمئة وصولاً الى 10 بالمئة.
وطالب هؤلاء بسرعة تقديم بدل الدعم النقدي مع ضرورة مضاعفة المبلغ لكثير من الشرائح وادخال "الطبقة الوسطى" في الالية خوفاً من وقوع الكثيرين في براثن الفقر.
ونوه هؤلاء الى ان الاجراءات التي اتخذتها الحكومة لخفض الانفاق، طويلة الامد ولن يلمسها المواطن بسرعة، مطالبين بتوسيع مظلة الاجراءات لتشمل الهدر في الموازنة البالغ 15 بالمئة من قيمة نفقاتها.
زيادة في التكاليف
قال نائب رئيس الوزراء السابق الدكتور محمد الحلايقة ان قرار رفع الدعم عن المحروقات سيرفع من تكلفة المعيشة على المواطنين رغم الالية الحكومية المرافقة والمسماه بـ"الدعم النقدي المباشر".
وأكد الحلايقة أنه سيكون للقرار الأثر الواضح على نسبة التضخم التي توقع أن ترتفع عن معدل 5 بالمئة والمسجل حالياً.
وبين أنه ستكون هناك تداعيات أخرى للقرار أهمها ارتفاع أسعار الكهرباء رغم عدم إفصاح الحكومة عن اتخاذ قرار برفعها إلا أنه قرار متوقع في الاجل المنظور.
وأضاف الحلايقة، بشكل مباشر سترتفع أجور النقل سواء على الركاب أو البضائع وهذا يعني ارتفاع أسعار كثير من السلع التي نستوردها من الخارج متابعاً.. سينعكس قرار رفع الدعم على المحروقات سلباً على تنافسية الصناعة الأردنية التي تمر في وضع صعب نتيجة الربيع العربي وفقدان بعض الأسواق، حيث سترتفع تكاليف الإنتاج الصناعي وتصبح الصادرات الأردنية أقل تنافسية.
أما عن أثر القرار على الشرائح المتوسطة غير المشمولة بالدعم النقدي، فبين الحلايقة أن هذه الطبقة ستعاني في ظل ارتفاع الأسعار وعدم كفاية دخلها لمواجهة هذا الارتفاع.
ونصح الحلايقة المواطنين بترشيد استهلاك الطاقة والحد من البذخ الزائد والإسراف خاصة في موضوع الإنارة وحركة السيارات غير الضرورية للتخفيف من ارتفاع التكلفة عليهم.
حلول متنوعة
وذكر النائب السابق عضو اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب السادس عشر وصفي الرواشدة أن الاردن كان مقبلا على وضع اقتصادي صعب جدا وأن اجراءات الحكومة ستخفف من شدة الازمة الاقتصادية، مشيراً الى ان لجوء الحكومة الى رفع الدعم عن المواطنين يعتبر تخطياً وقفزاً عن حلول كثيرة تستطيع الحكومة من خلالها سد عجز الميزانية كان يجب ان يكون آخرها رفع اسعار المحروقات.
وأكد الرواشدة أن اللجوء الى رفع الدعم عن الاسعار الذي سيتحمله المواطنون وسيمس جميع شرائح المجتمع الاردني، وأن الدعم النقدي المقدم من الحكومة لن يكفي لسد فارق دعم السلع.
ونوه الرواشدة، الى أن الخطة التي بدأت حكومة النسور في تطبيقها هي استنساخ لخطة عمدت حكومة سمير الرفاعي في محاولة تطبيقها عبر خطة زمنية قبل تفاقم الازمة الاقتصادية في 2010.
وتابع: ان عدم ادراج قانون الضريبة في مجلس النواب السادس عشر كلف الخزينة نحو 300 مليون دينار، مشيراً الى ان تعديل قانون الضريبة سيعود بالفائدة الدائمة للخزينة، الا انه تم استبعاده لاقرار قانون "المواقع الالكترونية" الذي تم الدفع به في الانفاس الاخيرة من الدورة الاستثنائية.
وعن بدائل رفع الدعم قال الرواشدة، ان هناك بدائل كثيرة تستطيع الحكومة استخدامها من خلال رفع ضريبة المبيعات 4 بالمئة، او فرض رسوم اضافية تتمحور غالبيتها على المواد والسلع الكمالية و"الرفاهية"، او زيادة الرسوم الجمركية على السيارات ذات المحركات الكبيرة وبذلك لن يمس الفقراء اي تأثير.
وعن معدل التضخم توقع الرواشدة ان يتضاعف معدل التضخم الذي يبلغ حالياً 5 بالمئة في ظل الوضع المعيشي الحالي، مضيفا "أن الاردن ليس لديه نمو اقتصادي بالمعنى الحقيقي في ظل معدلات النمو السكاني والتضخم المسجلة".
وأكد الرواشدة أن الطبقة الوسطى هي الفئة الاكثر تضرراً من اجراءات الحكومة لافتا الى ان هذه الاجراءات سوف تتسبب باختفائها كلية من المجتمع وانزلاقها الى براثن الفقر والشرائح الاقل دخلاً.
وأكد الرواشدة أن الاحتجاج السلمي كفله الدستور داعيا المواطنين المحتجين على قرار الحكومة بعدم الاضرار بالممتلكات العامة والمحافظة على السلم الاهلي والمجتمعي.
اصلاحات اقتصادية حقيقية
اما مقرر اللجنة الاقتصادية والمالية في مجلس النواب السادس عشر النائب السابق أنور العجارمة فقال: كان يجب على الحكومة ان تبدأ باصلاحات اقتصادية حقيقية ومكافحة جادة للفساد واسترداد اموال الشعب قبل اللجوء الى جيب المواطن نفسه لسداد عجز الخزينة.
وتابع في حديثه لـ"العرب اليوم" أن الحكومة اتخذت اسهل الطرق في سداد عجز خزينتها عبر قرار رفع الدعم عن المواطنين، مشيرا الى أن الاردنيين لا يعارضون رفع الدعم في حال كان "خاتمة الاحزان".
ولفت العجارمة الى ان الحكومة تتجه الى رفع الدعم بشكل كامل، مؤكداً أن عواقبه لن تكون سهلة عليها، منوها الى أن الحكومة فقدت مصداقيتها امام المواطنين.
وقال العجارمة: أنه كان الاولى بالحكومة اللجوء الى المنظمات الدولية لطلب الدعم في الوقت الذي يستضيف فيه الاردن عشرات الالاف من اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري.
ودعا العجارمة المواطنين الى عدم قبول هذه القرارات، عبر الاحتجاج السلمي، اضافة الى الضغط على الدولة باتجاه مقاطعة الانتخابات مع المحافظة دائماً على الممتلكات والسلم الاهلي.
وتوقع العجارمة بعد حزمة القرارات الحكومية أن يرتفع معدل التضخم ليصل الى 10 بالمئة، بينما يتجه معدل النمو للأنخفاض في ظل ما سيعانيه المواطنون من ارتفاع في الاسعار.
تبعات اقتصادية "مضرة"
من جانبه وصف الخبير الاقتصادي الدكتور يوسف منصور تبعات القرار الحكومي برفع الدعم بــ "المضرة" اقتصاديا وسياسيا على الجانب المحلي.
وقال منصور ان رفع الدعم سترافقه آثار اقتصادية ستؤثر في عملية الانتاج وستضر في الاقتصاد الوطني نتيجة الاضرابات والاعتصامات التي بدأت مع اعلان الحكومة لرفعها الدعم.
واضاف منصور ان رفع الدعم سيرافقه ارتفاع في الاسعار على المنتجين والمستهلكين معا ما يفاقم خسائر الحكومة المتزايدة التي قد تصل الى 100 مليون دينار في حال استمرار الاضرابات والاعتصامات في المملكة.
ونوه منصور الى انه كان أجدر بالحكومة مخاطبة كافة فئات المجتمع المدني واتحادات العمال على اختلافها قبل اتخاذ مثل هذه الاجراءات.
وبين، أن الحكومة ما زالت تنظر الى المشتقات النفطية كوسيلة لسد العجز المتفاقم عليها نتيجة استمرار مشكلة وصول المساعدات الخليجية الى الحكومة مباشرة التي كانت قد حددها الجانب الخليجي في برامج تنموية ووفق جداول زمنية.
وتساءل منصور حول الهدر الحكومي، ولماذا لم تجد الحكومة الحلول الناجعة لتقليل النفقات وخاصة ان تصريحات وزير مالية في وقت سابق كانت تشير الى ان هدر الانفاق الحكومي تجاوز 15 بالمئة من الموازنة العامة ولا بد من اجراءات تقشفية واضحة.
وحول معدل التضخم أشار منصور، الى انه سيشهد ارتفاعا في التقديرات وبنسب عالية قد تصل الى حوالي 10 بالمئة.
اعادة النظر بالقرار
من جانبه دعا الخبير الاقتصادي عبد المنعم الزعبي الحكومة الى اعادة النظر بالقرار الحكومي لناحيتين اولهما، تأجيل رفع الدعم الى ما بعد تسليم مبالغ التعويض النقدي لشهر او شهرين، اضافة الى انفاق كامل مبلغ الدعم البالغ 800 مليون دينار على شكل مشروعات رأسمالية تستهدف الاطراف "المحافظات" وليس عمان بقيمة 300 مليون دينار ومضاعفة قيمة بدل الدعم النقدي للعائلة بتخصيص 500 مليون دينار.
وأكد الزعبي اهمية الاجراءات التعويضية للمواطنين وضرورة أن تستبق اجراءات تحرير الاسعار، بالتزامن مع برنامج اقتصادي واضح المعالم يقوم على مكافحة التهرب الضريبي والفساد يكون محدداً ببرنامج زمني يبين الاهداف الموضوعه ونسبة ما تم تحقيقه.
ودعا الى اجراءات اكثر جدية وسريعة التحقيق من قبل الحكومة تظهر مدى استجابتها لمبادئ ترشيد الانفاق الحكومي وضبطه ما امكن، اذ ان بعض بنود برنامج رئيس الوزراء عبد الله النسور التي تحدث في حواره المتلفز مساء امس الاول تحتاج الى قوانين وفترات زمنية أطول.
عودة شبح الركود
الى ذلك قال الخبير الاقتصادي الدكتور منير حمارنة انه اثر قرار الحكومة برفع الدعم عن المحروقات فإن شبح حالة الركود الاقتصادي تلوح في الافق اذ سيتضرر الاقتصاد المحلي من تراجع القدرة الشرائية.
وبين أن لقرار رفع الدعم الأثر الكبير في توليد موجة غلاء عارمة ستشمل أغلب السلع والخدمات، فيما سترتفع أجور النقل والمواصلات وغيرها على المواطنين.
وأشار حمارنة إلى أن الآثار الأخرى لقرار رفع الدعم عن المحروقات تتمثل بارتفاع نسبة الفقر بين المواطنين، وأن الطبقة المتوسطة "غير المشمولة" بالدعم ستعاني هي الاخرى وتتضرر أكثر من غيرها لارتفاع التكلفة عليها من دون أية معونات.
ونوه أنه كان يجدر بالحكومة قبل اتخاذ القرار برفع الدعم عن المحروقات تنفيذ كافة الاقتراحات والبدائل التي تم عرضها عليها من قبل الأحزاب والهيئات لإخراج الاقتصاد المحلي من الأزمة التي يعانيها.
تداعيات القرار في السوق
وفي سياق متصل للاجراءات الحكومية برفع الاسعار، بدا الضرر في قطاع التدفئة، حيث أفاد متخصصون ان قطاع التدفئة شهد تراجعا في القيمة الشرائية، مرجعين ذلك إلى ارتفاع الأسعار وتخوف المواطنين.
رائد سمير احد تجار اجهزة التدفئة المركزية أكد أن هناك تراجعاً كبيراً على شراء اجهزة التدفئة التي تعمل على السولار نظرا الى تخوف المواطنين من عدم ثبات اسعار المشتقات النفطية والارتفاع المستمر عليها.
وأكد ناصر محمد، ويعمل فني صيانة اجهزة التدفئة المركزية أن عدداً كبيراً ممن يمتلكون انظمة التدفئة المركزية التي تعمل على مادة السولار قاموا باستبدالها بانظمة التدفئة الكهربائية لعدة عوامل اهمها عامل التكلفة، مضيفا ان الطلبات على صيانة اجهزة التدفئة المركزية تراجعت بشكل ملحوظ في العام الحالي.
وتوقع يوسف مراد وهو صاحب شركة تكييف وتبريد أن يطرأ انخفاض كبير على اسعار اجهزة التدفئة الكهربائية ، وخصوصا في حال ارتفاع فاتورة الكهرباء.
وقال اسلام يوسف صاحب احد محال مواد البناء أن هناك جموداً في اقبال المواطنين على شراء المدافئ الكهربائية متوسطة الحجم التي لا يزيد ثمنها عن 30 دينارا وتراجع الطلب على المدافئ التي تعمل على مادتي الغاز والكاز، مؤكدا أن المدافئ المتوسطة لم تشهد ارتفاعا ملحوظا في اسعارها، مرجعا ذلك الى ارتفاع فاتورة الكهرباء والمشتقات النفطية.العرب اليوم