النساء للوظائف العليا والرجال للبطالة العليا
فايز الفايز
25-11-2007 02:00 AM
تقول الحكمة : تستطيع أن تجر الحصان الى الجدول ، ولكنك لا تستطيع ان تجبره على الشرب .. إذا
المنظومة الاجتماعية التي تقودها أيد ٍ خفية ، تتجه الى مجتمع إستهلاكي متمرد على ثقافة الإنتاج ، حتى أصبح مشهد إمرأة تخبز العجين لإطعام الأفواه ، مشهدا تتسابق كاميراتنا لتصويره ، لأنه أصبح مشهدا نادرا ، قد ينتهي خلال " كمشة سنين " فقط .. بينما شركات إنتاج المساحيق التجميلية والملابس الغربية باهظة الثمن تتسابق في غزو جيوب المواطنين الذين نسوا تراب الوطن ، وصوف أغنامه ، وطعم زيتونه ، واقتربوا من نسيان ألوان العلم الأردني .موضوعي ليس النساء والرجال ، بل هو جزئية بسيطة في الدروس المستوحاة من التشكيلة الحكومية الذهبية الجديدة ، فشخص الرئيس الذي لا نعرفه ، بل عرفنا أعماله القيادية لجيب أردني جنوبي أصبح محجا للاستثمار والاستمتاع بتشغيل المال والأعمال ، وقبله بصمات في عدة مواقع تولاها ، واعتقد جازما ، إن العديد من الأقلام التي استمرئت النيل من شخص الرئيس السابق ستفكر مليون مرة قبل ان تكتب عن الرئيس الجديد بدونية تحليلة ، أو إعلان امتعاضها عن التشكيلة الوزارية ، لأنه وببساطة يرتبط أسمه باسم شقيقه مدير المخابرات ، ظنا من البعض إن نقد الأول هو مساس بشخص الثاني ، وهذا مالا اعتقده في ظل عقلية منفتحة ، وتعامل طويل مع الذهبي الثاني ، الذي فعل دور المخابرات كمؤسسة أمنية وطنية تتعامل مع المجتمع بشكل مباشر ومنفتح وصادق .
أربع نساء سيؤدين القسم لدخول الحكومة اليوم ، وهذا يحدث للمرة الثانية في وزارات العهد الجديد ، سبق لأربع نساء أيضا أن دخلن في حكومة عدنان بدران ، وخرجن جميعهن في تعديل 31\7\2005 لتدخل سيدة واحدة فقط كوزيرة دولة ، ولن نعترض هنا على شيء ، لأننا ببساطة لا نملك من الأمر شيئا ، ولم يعد لنا هناك " كأبناء وطن " ما نعترض عليه من باب الحرص على المصلحة العامة ، التي أصبح معظمها في جيوب نفر قليل من الذين أجادوا لعبة الإقتصاد المتحكم بالسياسة .
كنت أعتقد ان النساء القادمات الى الحكومة الجديدة سيكن من طراز السيدة ريما خلف مثلا ، وزيرة سابقة وفاعلة على المستوى الاقتصادي والسياسة الدولية ، أو على الاقل مثل السيدة سهير العلي ، التي رفضت حقيبة السياحة من فندق التشكيلة عصر أمس ، لتعود الى التخطيط والتعاون الدولي ، لتصحح المسار الذي كان سيؤدي الى دمج وزارتها مع وزارة المالية ، ولكن ليس كافيا أن تأتي سيدة لمجرد أن تكون سيرتها الذاتية ترتبط ببعض الوظائف العامة ، لتصبح وزيرة ، مع علمنا ان المنصب هو سياسي أكثر منه عملي .
أن الاتجاه الذي يسير به البلد نحو تحقيق مفهوم " الجندر " من الناحية النظرية على الأقل مع تحفظنا على المصطلح ، الذي يترجمه البعض بالنوع الاجتماعي ، هذا الاتجاه ، يؤدي الى خلل ، بل انهيار في الحياة العامة ، فلا أتخيل أن أرى معالي وزيرة وهي في أشهر الحمل الأخيرة مثلا ، أو انها ستقبل أن نجلس في غرفة ضيوفها ـ رجال ونساء ـ لتقوم باعداد القهوة ، وبعض الاطباق السريعة ، لذلك فالأوجب ان تنسلخ عن " نوعها الاجتماعي الأصلي " حتى تصبح لاامرإة ، وتتولى زمام الأمور ، لتتحول الخادمات الآسيويات أمهاتنا التي نقبل أقدامهن !
النساء أصبحن مطلوبات فورا للعمل ابتداءا من مندوبة مبيعات في الشارع والمولات ، وحتى منصب وزيرة ، بينما آلاف الشباب الباحث عن عمل ليتزوج ويؤسس بيتا وأسرة تحقيقا للفطرة الطبيعية ، ينتظرون على قارعة الطريق لإيجاد فرصة عمل ، قبل ان يتحولوا الى قطاع طرق وانكفائيين ومتمردين على الأمن الدولي .
نحن لا نتعترض على شيء كما سبق وذكرت ، بل ان هناك أسس يجب ان تراعى ، في اختيار الأصلح والأكفأ ، ليحقق للبلد منفعة حقيقية بصمت ودأب ، لا أن تبقى منجزاتنا فقط تحقيقا لمبدأ الدعاية الإعلامية ، ووضع المزيد من مساحيق التجميل على وجه السياسة الخارجية لنا ، حتى يصفق لنا العالم الغربي الذي سيقودنا الى الهاوية وهو يتحكم حتى بخصوصيات ممارسة الجنس مع زوجاتنا ـ للمتزوجين ولست منهم ـ ، في سبيل تحقيق مجتمع مثالي في نظرهم ، ومهترىء في حقيقتنا ، النساء حبيباتنا ، امهاتنا ، اخواتنا ، شيخاتنا ، نريدهن كما هن عزيزات بصدق ، لا تأتي عزتهن بموجب قرار صادر عن رئيس الوزراء أو غيره .
Royal430@hotmail.com