ما انفك رئيس الوزراء منذ استلم منصبه وهو يستشير ويشاور ويداور ويساوم! وقد قابل ممثلين عن فئات كثيرة من الشعب، وخاطب آخرين بواسطة وسائل الإعلام، وهذا يُحمد له لو كنّا في غير الزمان والموضوع، إلا إن هذه المشورة انقلبت ضده، وفقدت قيمتها لسببين الأول: أن هؤلاء لم يستشاروا، ولم يؤخذ برأيهم في أسباب الفساد، وبيع مؤسسات الوطن وشركاته وأراضيه من برقش شمالا إلى العقبة جنوبا، ولا في التوسع في المشاريع الكبرى ولا الصغرى، ولا في الأسباب الأخرى التي أدت إلى ارتفاع المديونية...
وبالتالي، فإن المستشارين الجدد، بل وغالبية أبناء الوطن من غير المستفيدين مما سبق متفقون على جواب واحد: اذهبوا إلى مستشاريكم السابقين الذين قبضوا كثيرا، وما زالوا، فنحن لم نُستشر، ولم نقبض، فلماذا الآن وعند خراب مالطا؟! والثاني: إن المستشارين الجدد أوصلوا له رسالة واضحة لا لبس فيها؛ خلاصتها أن يبحث هذه المرة عن سبيل آخر غير جيب المواطن كما في كل مرة، وبينوا له وسائل أخرى كثيرة يحقق اللجوء إليها أمرين: الوفر للخزينة وحل دائم لجزء كبير من المشكلة، ويحقق رغبة الشعب في تحقيق الإصلاح المنشود، وقد حفظها الصغار والكبار من كثرة تكرارها منها:
1- إلغاء المؤسسات المستقلة، وإلحاق المفيد منها بوزاراتها التي سُلخت عنها مع مساواة الرواتب والامتيازات...مع موظفي الوزارة نفسها.
2- رفع الضرائب على البنوك والشركات التي تحقق أرباحا كبيرة، ولا تفيد الوطن إلا بالقليل.
3- إعادة ما سرق ونهب وأهدي على حساب الشعب، فكما قدرتم على الذهبي وهو من كان، فأكيد أنكم تقدورون على غيره، وإلا فالشك سيكون لغير صالحكم في هذه القضية أيضا.
4- عليكم بأموال التهرب الضريبي أعيدوها للخزينة.
5-خففوا نفقات الحكومة والمستشارين و... واجعلوا كل أموال الأردنيين خاضعة للميزانية والرقابة التامة.
6- اجلبوا الفاسدين الذين يعرف رئيس الوزراء أكثرهم بسبب مرور قضاياهم على مجلس 111 الذي كان أحد أعضائه، ومن ثم إذا بقي لديكم مشكلة استشيروا الشعب، واجعلوه يتحمّل مسؤولياته، وستجدوه أفضل من مستشاريكم السابقين، وأكثر حكمة منهم، مثلما ستجدوه محبا لوطنه مضحيا في سبيله، وإلا عليكم أن تتحملوا نتيجة مخالفتكم الغالبية العظمى من الشعب، أما أن تشاوروا الناس، وأنتم قد عقدتم الأمر على مخالفتهم، وتطبقون عليهم علومكم الحديثة في توطين نفوسهم على قبول استهتاركم بهم لحين الانتهاء من إعداد مذكرة تدمير ما تبقى في جيوبهم، وهدر مزيد من كرامتهم بالسكوت على سرقة المئات من ملايينهم، وتتحدثون عن تعويضهم قروشا، في ظل احتقان كبير للشارع، وحالة من اليأس الذي يولد السخط وهيجان الشارع، فقد بات أمرا ممجوجا، وهدرا للوقت والجهد؛ لأنهم فهموكم في حين أنتم ما زلتم ترددون-مقولة القذافي- مَن أنتم حتى نأخذ برأيكم؟!