الحركة الإسلامية بعد الانتخابات
ياسر ابوهلاله
25-11-2007 02:00 AM
بانتظار تقارير مستقلة حول نزاهة الانتخابات الأخيرة يظل الحاكم عليها مشاهدات ذلك اليوم واتهامات المعارضة بالتزوير، وهي اتهامات تنفيها الحكومة. وعلى المتسرعين بتحقيق أمانيهم بـ"انهيار" الحركة الإسلامية أن يتمهلوا ويدققوا أكثر، وعلى الحركة الإسلامية أن تصبر وتحتسب على ما تعرضت له وتواصل مسار الرشد الذي اختطته. فالتاريخ يصنع بالمغالبة لا بالنكوص. من السهل دعوة الحركة الإسلامية للانسحاب احتجاجا على ما حاق بالعملية الانتخابية، وإن صدرت دعوة كهذه من أنصار ومحبين إلا أنها تلتقي مع أماني الموتورين الذين كانوا يدفعون الحركة باتجاه المقاطعة. وهم يريدون مجلس نواب خاليا تماما من الإسلاميين. أحبط تيار الرشد الغالب على الحركة الإسلامية تلك الاماني التي تصل إلى درجة التآمر على البلد، وقرر خوض المعركة الانتخابية.
لم يكن قرارا سهلا في ظل ما تركته الانتخابات البلدية في النفوس، لكنه الخيار الوحيد فالتيار الاستئصالي يريد القول إن الحركة عباءة العنف وترفض العملية السياسية، والتيار المتطرف في الجماعة الذي أثبت أنه أقلية لا تملك القرار، يلتقي معه بحجج مختلفة فالمشاركة بلا ضمانات ولا مراجعة جدية لما شهدته البلديات. والنتيجة كانت تنفيذ مخطط عزل الحركة وخنقها.
لم يترك تيار الرشد في الحركة حجة بيد خصومه، قدم قائمة لا تضم اسما إشكاليا، وعددا مطمئنا لا يؤشر على استئثار. قدمت الحركة برنامجا إصلاحيا ينزل شعار الإسلام هو الحل على الأرض. لم تخذلها الجماهير وكانت مهرجاناتها على رغم حال الإحباط هي الأكثر عددا والأدق تنظيما والأوضح برنامجا. هل ثمة أوضح من الإصلاحات الدستورية التي تضمنها البرنامج؟ أين برامج الآخرين؟ وهل غير الحركة من قدم برنامجا سياسيا؟
بدا المشهد الانتخابي واضحا، وكانت استطلاعات الرأي التي تصل دقتها إلى 98 في المائة والتي أجريت أكثر من مرة في أكثر من دائرة تشير إلى أن الحركة ستحصل على 18 مقعدا وقد تبنى هذا الرقم كبار المسؤولين في الدولة. غير أن النتائج كانت مختلفة تماما! لا تحصل الحركة ولا على مقعد في معاقلها في الزرقاء وإربد؟ مع أن الزرقاء مهما حصل سيبقى فيها الإسلاميون مسيطرين.
حصل ما حصل، والحركة الإسلامية تعرف حجم قوتها تماما وخصومها يعرفون. وهي تصرفت ابتداء بمسؤولية وعليها أن تتم المسير، وعنوان المرحلة المقبلة هو الإصلاح السياسي، وقد مضى حين من الدهر للحركة في مجلس نواب (84 إلى 89) أربعة نواب وحجمها الحقيقي الذي كشفته انتخابات 89 يزيد على الأربعين نائبا. لكنها حتى في عام 89 تصرفت بمسؤولية واختارت أن تكون في الترشيحات قوة ثانية ولم ترشح أكثرية. تستطيع الحركة أن تعمل بستة نواب ومن ورائها جسم تنظيمي أثبت كفاءة عالية وجماهير لم تخذلها.
كنت قبل الانتخابات أقول إن مجلس النواب بحاجة إلى عشرة نواب يعتمدون على " قوة النموذج " لا قوة العدد. على النواب الستة أن يبحثوا عن أربعة آخرين لبناء النموذج. وعلى الحركة أن تواصل تفاعلها مع الناس تماما كما أيام الانتخابات، فقوتها من خلال التصاقها بهم وتعبيرها عن أشواقهم. وليس ما يهدد الحركة الاستهداف والحملات الإعلامية بل ما يهددها هو نكوصها وانعزالها، على الإخوان أن يتذكروا أن مرشدهم الأول تم إسقاطه في الانتخابات الوحيدة التي ترشح لها لكنه وجد في خارج الانتخابات آفاقا رحبة للدعوة وقدم نموذجا عز نظيره حتى عد من مجددي القرن الماضي.
حقيقة لم تخسر الحركة الإسلامية، وما تزال وفية لمبادئها وفاء جماهيرها لها، والخاسر هو من باع مبادئه بثمن بخس أو لمجرد وعد بثمن بخس.
www.maktoobblog.com/abuhilaleh