عمون - كتب الاقتصادي حسام عايش - أيهما أجدى برفع الدعم عنه... المؤسسات المستقلة، الأغنام، أم المواطنين؟

في ظل الاستعجال الواضح لقرار رفع الأسعار تحت شعار إيصال الدعم لمستحقيه (ونحن مع ايصال الدعم لمستحقيه، وتحسين دخل المواطن للاستغناء عن سياسات الدعم نهائياً) فإن سياسات الدعم المشوهة فيها الكثير من التشوهات أصلاً.

دعم المؤسسات المستقلة

إذ ان المؤسسات المستقلة مثلا وعددها 62 مؤسسة تحظى بالدعم الحكومي الذي لا يتحدث عن إلغائه أحد، وهو يذهب كما أنواع الدعم الأخرى للمستحقين وغير المستحقين منها، وبمبلغ يصل إلى 274 مليون دينار، ناهيك عن دعم اضافي من خلال المنح المقدر وصولها وبمبلغ 96 مليون دينار، أي بإجمالي دعم يصل إلى 360 مليون دينار دون ان تتحفنا بحلول لمشاكلنا او تقدم مساهمات تبرر بقاء الكثير منها.

دعم الماشية

وهو الأمر الذي ينطبق تماماً على دعم الماشية الذي يذهب للمستحقة وغير المستحقة أيضا من خلال تجاوز معايير الدقة (المتعمد أحيانا) في تعدادها حيث لا يتجاوز عددها في أحسن الأحوال 2.5 مليون رأس مقابل 3.5 مليون تتلقى الدعم الحكومي بمقدار 60 ديناراً لكل طن علف (سعر السوق 235 دينارًا والسعر المدعوم 175 ديناراً)، ومع ذلك لم نلمس تحسناً في إنتاجيتها أو انخفاضاً في أسعارها أوانعكاسا على أسعار اللحوم البلدية منها بل ان اسعارها في تصاعد مستمر، والأخطر انه يتم تصدير بعضها مدعومة ايضا للاسواق الخليجية ،اي ان الدعم الحكومي لا يشمل فقط غير المستحقين من الأردنيين وجميع الوافدين بما فيها البعثات الدبلوماسية للدول الكبرى والغنية ورعاياها، بل تخطى الحدود إلى دول الخليج أيضاً، إذ عوضاً عن ان تدعمنا تلك الدول فاننا نقوم بدعمها غذائياعلى حساب حاجات مواطنينا.

دعم المواطن

والأمر نفسه ينطبق على دعم المواطنين المستحقين منهم وغير المستحقين، حيث لم تفلح كل الحكومات والوزارات المعنية وغير المعنية بتحديد من يستحق الدعم ومن لا يستحقه بصورة تسمح بإيصاله لمن هو بحاجة إليه، لذلك تراوحت معالجة الحكومات بين إبقائه بالكامل وبين رفعه جزئياً وبين الرفع الكامل، فيما الحكومة الحالية وجدت حلاً آخر وهو تقديم الدعم النقدي ولكل المواطنين بلا استثناء على قاعدة دعم المواطن بدل دعم السلعة، دون أن تنسى تذكير هذا المواطن كم هي مغرمة بطيبته وحرصه على سلامة الموازنة العامة وليس موازنته الخاصة.

العدالة

ولأن العدالة ديدن المسؤول فانها تقضي بدعم الجميع بما في ذلك الفاسد وغير الفاسد، فالدعم لا تمييز فيه بين المواطنين على أساس فسادهم، لأن ذلك مدعاة لتوقف المساعدات والقروض والمنح التي يستفيد منها الفاسدون وغيرهم، وسنكون عرضة لتقارير منظمات حقوق الإنسان وربما الحيوان وانتقاداتها، ونحن نميز بين مواطن مدعوم وآخر أو بين حيوان معدود وغيره.

والقضية المهمة أن رفع الدعم عن المؤسسات المستقلة يمكن استيعابه بإلغاء أو هيكلة أو دمج بعضها، ورفعه عن الماشية يمكن حله ببيعها أو تصديرها أو ذبحها، لكن ما الذي يمكن أن نفعله أو يفعله المواطن الذي من أجله أقر الدعم سابقاً ولأجله يرفع الدعم لإيصاله إليه حالياً، بانتظار جواب من الحكومة والجهات المانحة ومؤسسات التمويل الدولية والأشقاء العرب في الخليج والأغنياء الأردنيين أنفسهم.