من المعلومات العامّة في الحياة السياسية المحلية أنّ توافق رؤساء المواقع الأساسية الثلاثة: الحكومة ، الديوان ، والمخابرات ، كان نادراً ، ومعروف للجميع أنّ تضارب الصلاحيات ، وتشابك القرارات ، وخلافات الأشخاص ، كانت تؤثر سلباً في تطور مسار تنمية العملية السياسية والاقتصادية.ونستطيع أن نسرد عشرات الأمثلة على قرارات أخّرت هنا أو هناك ، ومطبات صُنعت في هذا الموقع ضد ذاك ، وكثيراً ما كنّا نستمع من رؤساء وزارات وهم في مواقعهم مرّ الشكوى من تدخلات في عملهم أتت من الموقعين الآخرين ، وكثيراً أيضاً ما استمعنا من هؤلاء بعد خروجهم من مواقعهم أنّ إفشال تجاربهم كانت لسبب تلك التدخلات السلبية.

ويبدو أنّ هذه الخلفية التعطيلية كانت وراء اختيار جلالة الملك لفريق عمله في المرحلة المقبلة ، في المواقع الثلاث ، فالكيمياء التي كانت مفقودة على الدوام تجدها متحققة الآن ، وبشكل فريد يصعب إيجاد مثيل له لا في ماضينا السياسي ، ولا في حاضرنا أيضاً ، فالشقيقان نادر ومحمد الذهبي وباسم عوض الله يكادون يتطابقون في خلفياتهم الثقافية ، وفي وجهات نظرهم ، وليس من المتوقع أن نشهد تضارباً وتشابكاً في صلاحيات أو قرارات الثلاثة.

المنتظر ، إذن ، عملية محلية سلسة ، سياسياً وإقتصادياً ، وتنفيذاً أميناً للمبادرات الملكية في مختلف المجالات ، ولكنّ ذلك لن يرضي لاعبين آخرين في الحياة السياسية المحلية ، لأنّ مثل ذلك التوافق سيغلق الطريق أمام الكثيرين لفترة قد تطول ، ولهذا فعلينا أن نتوقع مناكفات تأتي على أرضيات مختلفة.