اعلنت الحرب العالمية الاولى في تموز 1914 ، وكان حزب الاتحاد والترقي التركي بزعامة طلعت وانور وجمال باشا الى جانب المانيا في الحرب ، حيث كانت المانيا سابقا تقف الى جانب الدولة العثمانية في البلقان واليونان وشمالي افريقية ومصر ، ولاعتقادهم ان المانيا تفوق قوة انجلترا وفرنسا وروسيا وحلفائها .
وقد اعلنت الدولة العثمانية النفير العام " سفر برلك" وطبقت التجنيد الاجباري في انحاء الدولة ، وبدات بمصادرة المؤن والدواب وكل ما يلزم للجيش .
وفي تشرين الثاني 1914 دخلت تركيا الحرب الى جانب المانيا ، فقامت دول الحلفاء بضرب الحصار على سواحلها .
ولم يكن قانون الخدمة العسكرية شاملا لواء الكرك اثناء الحرب ، ولكن بقية مناطق الاردن اكتوت بناره ، فسيق الشبان من كافة انحاء شرقي الاردن الى ساحات القتال . الا انه في عام 1916 جاء محمد جمال باشا قائد الفرقة الثامنة الى الكرك وجمع زعماء اللواء وشيوخه وشرح لهم خطورة الموقف العسكري ، وان على كل عثماني ان يقدم تضحية لدولته ، وطلب من ابناء الكرك تقديم متطوعين للخدمة داخل حدود لواء الكرك ، فوافق الاهالي وتالفت فرقة متطوعين من الخيالة .
وقد تاثر الاردن جراء الحرب العالمية الاولى حيث تم القضاء على معظم الثروة الحرجية في البلاد ، لاستعمالها وقودا لقاطرات سكة الحديد بعد ان فقد البترول . حيث انشات الدولة العثمانية عام 1916 فرعا لخط سكة الحديد بطول 40 كيلو مترا من محطة عنيزة الى الشوبك لنقل الحطب من احراج الهيشة بواسطة عربات القطار، كما قطعت في قضائي عجلون والسلط والتلال المطلة على اليرموك الالاف من الاشجار الضخمة ، حتى ان الاتراك قطعوا الاشجار المثمرة لهذه الغاية .
وكانت النهضة العربية قد اشتعلت في نفوس وضمائر العرب المتنورين كمشاعر قومية ورغبات استقلالية ، ذلك ان الاتحاديين سيطروا على مقاليد الدولة العثمانية ، واصبح السلطان العثماني العوبة في ايديهم ، كما قام الاتحاديون بتطبيق سياسة التتريك والطورانية ، على الاسس العنصرية ، ولما قامت ثلة من العرب المتنورين بمقاومتهم علق الاتراك لهم المشانق في دمشق وبيروت .
وقد كان الوطنيون العرب على اتصال مع الشريف الحسين بن على بواسطة ابنه فيصل بن الحسين ، فطلب الوطنيون العرب واكثر من ثلاثين من اعضاء البرلمان العثماني " مجلس المبعوثان " طلبوا من الشريف الحسين قيادة الثورة العربية التي كان قد عقد العزم على اعلانها بعد ان علق الاتحاديون احرار العرب على اعواد المشانق في دمشق وبيروت .
وقد اعلن الحسين بن علي ثورته من مكة في 9 شعبان 1334 هـ 9 حزيران 1916 م للضرب على يد دعاة التتريك والطورانية بيد من حديد ، وتحرير العرب من مخططاتهم العنصرية ، ثم اتصل الحلفاء بالشريف الحسين طالبين التحالف معهم مقابل استقلال البلاد العربية في كافة اقطار الشرق العربي .
وقد تحرك جيش الثورة العربية الكبرى بقيادة انجال الشريف فيصل وعبد الله وزيد ، فوصل الجيش الشمالي بقيادة فيصل بن الحسين بلدة الوجه على شاطئ البحر الاحمر في 23 كانون الثاني 1917 ، ومن الوجه اتصل الامير فيصل بزعماء القبائل الاردنية التي تسيطر على البادية الجنوبية الشرقية ، خاصة قبائل الحويطات وبني عطية وبني صخر والرولة والشرارات وبلي وغيرها ، وكان من بين زعماء القبائل الذين توجهوا للقاء فيصل بعد ان ارسل يدعوهم الشيخ عوده ابو تايه الذي تعهد امام الامير للانخراط في صفوف الثورة .
وفي 9 ايار 1917 غادرت الوجه حملة صغيرة بقيادة ممثل الامير الشريف ناصر بن علي شقيق امير المدينة المنورة من قبل الشريف حسين ومعه عودة ابو تايه وابنه الصغير محمد بن عودة وزعل بن مطلق وعوده بن زعل ومحمد بن دحيلان ، وذلك للالتقاء مع القبائل الاخرى لعقد الاتفاقات معها باسم الامير فيصل ، وضمت الحملة نسيب البكري للاتصال باهالي سورية وجبل الدروز ، وضمت الحملة ايضا الكابتن لورانس كخبير متفجرات لنسف خطوط السكك الحديدية العثمانية ، وضمت الحملة ايضا زكي الدروبي وخمسة وثلاثين رجلا من العقيلات بقيادة ناصر ابن دغيثر . ومعهم عددا من الجمال تحمل الطحين والغذاء والمتفجرات ، فسايروا الخط الحديدي بين تبوك ومدائن صالح ثم الى وادي فجر وعرفجة في وادي السرحان ثم العيساوية ، ثم انضم اليهم الشيخ علي ابو فتنة احد مشايخ الحويطات . ثم توجهوا الى الجوف للاتصال بنوري الشعلان امير قبيلة الرولة ، وابلاغه رسالة الامير فيصل ، واتجه فريق ثان الى النبك في وادي السرحان . لتنظيم االقبائل واعداد المتطوعين ، كما ارسل فريق الى باير لدعوة القبائل للاشتراك بالثورة . ثم ارسلوا من يقطع خط سكة الحديد قرب درعا مكون من لورنس وزعل ابو تايه . فساروا الى خو ثم وادي الضليل ثم الى منيفير ثم الى باير شرقا ثم اتجهوا جنوبا الى الجفر ، ثم هاجموا مخفر الفويلي .
وفي هذه الاثناء زحف الشريف ناصر وعوده ابو تايه الى محطة غدير الحاج ، ثم ساروا باتجاه ابي اللسن لمواجهة الحملة التركية بقيادة نيازي بك لتعزيز حامية ابي اللسن ، والتقوا هناك بقاسم بن دميك شيخ الدمانية من عرب الحويطات ، ودارت معركة في ابي اللسن انتهت بمقتل 300 من الاتراك واسر 160 ، وفر الباقون ، فلاحقهم محمد بن دحيلان على راس فصيل الى مريغة ووهيدة ، ولم يخسر العرب في معركة ابي اللسن سوى قتيلين احدهم رويلي والاخر شراري .