نحن، إذن، على موعد جديد مع الفقر، ولعلّ الكلمة المناسبة هي “متجدّد” فكلّ ما توافقنا مع واقع قاسٍ جاء من يضعنا في واقع أقسى، لنبدأ رحلة التعارف والتآلف والتحالف، ويبدو أننا سنكون هذه المرة وجهاً لوجه امام فقر غير مسبوق يجتاح جوانب حياتنا بأسرها، وفي قناعتنا انه ستجوز معه الصدقة على الغالبية الغالبة من الاردنيين باعتبارنا من الفقراء والمساكين.

ولا يخلو المشهد الكارثي من جوانب طريفة تكاد تدفعنا الى الضحك، في عزّ ظرف البكاء، فرئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي يقول ان علينا أولاً الخروج من الحفرة، وبعدها نحاسب من اوقعنا فيها، وهو يقصد ان نتحمّل الفقر الجديد الآتي من رفع تسونامي في الأسعار، بطيب خاطر، وبالطبع فلا هو ولا غيره من المسؤولين يحمل لنا وعد عدم السقوط في حفرة جديدة.

فقرنا، يا سادة يا كرام، لم يأت في يوم وليلة، بل راكمته علينا عشرات الحكومات ومئات المسؤولين، الذين ينظّرون علينا الان، ويرتدون أثواب المصلحين التاريخيين، فهم الذين أنفقوا على انفسهم من جيوبنا، واتخذوا قرارات الهدر الحمقاء، وفي كل شارع اردني حكاية مشروع فاشل روّج لنا باعتباره وعد الرخاء.

بعد أيام، سنتعرف على نوع جديد من الفقر يتوّحد معه الأردنيون المظلومون، والغريب العجيب المريب أن هناك ترويجاً لمقولة:” المساواة في الظلم عدالة” وهي مقولة بائسة، فالظلم ظلم، والعدالة عدالة وهذه تقول لمن وضعونا في الحفرة: انتم المسؤولون فتدبروا أموركم بأنفسكم، وقد نهشتم جسد الوطن وها قد وصلتم لنهش أجساد أبنائه.

الدستور