facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تونس والنموذج التركي/ الماليزي .. د.فيصل غرايبة

10-11-2012 05:02 PM

عشت في تونس بالثمانينيات الفائتة، أعمل بجامعة الدول العربية التي كانت تتخذ منها مقرا لها، وكانت تلك الفترة تمثل نهايات عهد رئيسها المشهور بورقيبة والمسمى بالمجاهد الأكبر لدوره في النضال للتحرر من الاستعمار الفرنسي، ويسر بتشبيهه بمصطفى كمال أتاتورك، كرائد لعلمانية الدولة ـ وكان التوانسة عموما يشعرون بأنه صمام الأمان لبلادهم غير متصورين بأنه سيتغير كرئيس.وخاصة أنه عالج ثوره الخبز بمراضاة الناس بالتراجع عن قرارات صعبة تزيد الأسعار والضرائب، وأزاح الرموز غير المرغوبة شعبيا، وبقي وحزبه الدستوري إلى ما بعد ذلك،حيث أصبح الحزب حزب الدولة والدولة دولة الحزب وازداد إقصاء الآخرين من مختلف الاتجاهات.. إلى أن فوجئ الجميع ببيان للوزير الأول زين العابدين بن علي صبيحة السبت 7 نوفمبر 1987، يعلن توليه مسؤولية رئيس الجمهورية، حيث لم يعد الرئيس بورقيبة قادرا على مواصلة مهامه بشهادة الأطباء، ولم تتعطل الحياة ولم يمنع التجول ولم ينزل الجيش إلى الشوارع كما لم تسر مظاهرات بالشوارع لا شجبا ولا تأييدا،واستقبلت الخطوة بذهول وتعجب، لا سيما أنه أبقى على منظومة ذات الحزب،الذي توحدت شبكته مع الشبكة الأمنية، التي كان يقودها الرئيس نفسه، وكعادة الأحزاب والتنظيمات المفروضة المسماة بالجماهيرية والتي تنفرد بالحكم .

بدأت الإذاعة والتلفزيون منذ ذاك تذيع آذان الصلاة، وكان هذا ممنوعا، وصارت الإذاعة تبث الأغاني الوطنية وخاصة لمحمد عبد الوهاب التي تنادي بالحرية والوحدة والعدالة، ثم تبين أن الرئيس الجديد يحب أغاني عبد الوهاب شخصيا، وصار الرئيس يطوف البلاد وهو يحيي الجماهير واضعا يده على قلبه كإشارة لحبه لهم، ومحاطا بعناصر الحزب التي تحولت إلى مليشيا للنظام فيما بعد.

ما زلت إلى الآن وأنا أحمل الانطباعات الطيبة عن الشعب التونسي ذي الإرادة القوية والاعتزاز الوطني والعنفوان الشخصي والذي أرسى شعبيا قواعد المجتمع المدني وساوى بين النوعين الذكور والإناث وأعلى من شأن المرأة وزاد من وعي الأجيال، ولم يهجر الريف ولم يغادر الحقول، ولم يهفوا للوظيفة العامة ولكنه يعاني من البطالة في شريحة من أبنائه في ظل عمليات الإقصاء وحجب المنفعة من ثمار التنمية وحصرها في الطبقة العليا إلى حد بعيد وتمتع هذه الطبقة بامتيازات على حساب الطبقة الوسطى، في ظل النظام السابق، إضافة إلى انقلاب النظام على نفسه، بحيث كرر ممارسات النظام السابق الذي انقلب عليه، مثل الحد من حرية الرأي واحتكار السلطة واستغلالها ماديا، وحصر المنافع بالمتنفذين في الحزب والسلطة وعائلة الرئيس، مما سمح لشرارة "البوعزيزي" في "سيدي بوزيد" أن تلهب الأرض وتؤجج النفوس ويخرج الشعب إلى الشارع حتى يحول الدكتاتور إلى " زين الهاربين".

واليوم يصمم التونسيون على ممارساته الديمقراطية، فينتخب ممثليه في البرلمان، ويفاجئ الجميع داخل البلاد وخارجها بأن التيار الاسلاموي ممثلا بحزب النهضة يحصل على 41% من المقاعد ولا يقترب منه أحد من التيارات، اذ كان الحزب الذي يليه يحصل على 13%، وبعده 9% وهكذا، ليثبت "النهضة" أن كل وسائل القمع والتكميم لم تفلح على مدى حكم "الزين" وقبلها في حكم "الحبيب" لم تفلح في إخراجه من أذهان الناس والساحة السياسية، حتى أن النساء الفائزات حوالي 50 امرأة كن في معظمهن من حزب النهضة إياه. وتساءل المتساءلون وذهل العلمانيون من النتيجة أو من زهور الربيع التونسي كقطفة أولى من قطاف الربيع العربي، فهل يؤول الحكم في تونس إلى الاسلامويين،وهل سيؤول كذلك في مصر وليبيا عن طريق صناديق الاقتراع لا باستخدام وسائل القمع والانقلاب؟ أو هل نتحدث عن مساوئ الديمقراطية التي ضحينا من أجلها وانتظرناها ردحا من الزمن؟

أقول إلى هؤلاء وأولئك أن لا داعي إلى القلق، فان الفكر الإسلامي في تونس مبني على أسس العلمانية الدينية التي تربى عليها الغنوشي وأمثاله من قادة الاسلامويين في جامعة الزيتونة العريقة وسط العاصمة الإسلامية واستكملوها في الأزهر الشريف، ولم يغنوا فكرهم ولم يبنوا أفكارهم في تنظيمات سرية ووسط الظلام وزوايا الهروب، ولا يتوسم بمثل هؤلاء المنتخبين شعبيا والمؤدلجين علميا إلا الخير والتطوير والدفعة القوية للإصلاح كما فعل أمثالهم في تركيا وماليزيا، والذين اثبتوا أنهم يستطيعون امتطاء صهوة العولمة كمشاركين فاعلين لا كمتلقين تابعين، يخدمون الإنسان في بلدانهم ويسهمون في الحضارة العالمية بروح الإسلام وبمنطق العصر

لقد حقق الشعب التونسي الانجازات الكبيرة على الأرض، بالاعتماد على نفسه، واستصلح الأراضي وزرعها بكل ما لذ وطاب ووفر لنفسه موادا غذائية جيدة وكافية ميسورة لكل الطبقات،وكانت هناك مهرجانات للقمح والبرتقال وسواها في المناطق التي تشتهر فيها، وكذلك منطقة صفاقس التي تغطي أراضيها أشجار الزيتون التي تنتج زيتا مشهورا عالميا ويتوفر في كل الأسواق العربية والغربية، والتحق الشباب التونسي بأعمال تميزوا فيها في مختلف الدول العربية والغربية، وتماشوا مع توجهات الحضارة وطبيعة الإنتاج، عن طريق الإخلاص بالعمل والشعور بالمسؤولية، وسيثبت التونسيون في كل حين أنهم شعب ذو إرادة، لن يخذل أجياله ولن تخذله الصعاب، ولن يسكت على ظلم أو إجحاف. وهذا ما يجعل الذين يعرفون التوانسة مطمئنين على مستقبل التغيير ومستقبل الشباب في هذا البلد العربي النبيل، رغم ما يبدو من بقاء رموز مرحلة فاسدة قد انقضت.

وها هم شباب التغيير، يبادلون شباب التغيير في مصر المشاعر والخبرات، ويطلون على المشهد الليبي، ويؤدون دورا إنسانيا نبيلا، تجاه الشعب الليبي الشقيق، للعبور إلى شاطئ الأمان.

dfaisal77@hotmail.com





  • 1 عماد 11-11-2012 | 06:37 PM

    كلام جميل , لكن الواقع غير هذا فهناك تقييد للحريات ونمط جديد تفرض على الشعب التونسي والكثيرون خائفون .


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :