المؤمن الحق هو ذلك الانسان الذي آمن بالله تعالى بقلب سليم نقي؛ فملأ الايمان جوانب قلبه ، وانتشر في كل جوارحه ، كما يضخ القلب السليم الدم النقي الى كل الشرايين في انحاء الجسم .أما المنافق فهو على العكس من ذلك : متردد، متراجع، ذو وجهين، مريض في مواقفه وسلوكه، منهزم عند المواقف الجدية، يبحث عن مبررات انهزامية، وتتلاطم في نفسه أمواج التناقض الداخلي فيطفح منها الكدر، ويغرق فيها ضميره ووجدانه فيترسخ في أصل اعتقاده وإيمانه..
وإذا كانت أسباب النفاق معروفة عند الضعفاء وأصحاب الحاجات من البسطاء، فكيف تقبل ممن يدعون حمل أمانة الفكر والكلمة والقلم! عجيب أن ترى الكاتب قد شاب وشاخ وما زال يلف ويدور وينفخ في أنصاف الحقائق مقلصاً الأنصاف، فتظهر الأمور في شكل محرف ، مشوه وما أكثر هذا الصنف!
ولقد ترسخ النفاق في النفوس وتطور لدرجة أنه شكل فيها فواصل جامدة فأصبح الإنسان بأكثر من شخصية وفي داخله تناقضات تقتسم النفس لحساب مراكز القوى والمصالح الدنيوية، وترى الشخص في بيته وماله يتصرف بدقة وحرص وحساب ونظام ونظافة ... الخ، وفي المال العام والأماكن العامة يتصرف عكس ذلك تماماً دون أن ينكر التغير الذي يحدث في تصرفاته بين ساعة وأخرى!
النفاق هو كل ما يظهره الانسان بعكس ما يبطنه في داخل نفسه.
للأسف الشديد إن النفاق هو من أكثر الظواهر الاجتماعية انتشارا على امتداد الوطن العربي.
هذه الظاهرة انتشرت بحيث أصبحت ملاحظة على المستوى الشخصي والعام وانعكست على المجتمع بحيث أصبحت إحدى سماته الأساسية
الصدق أصبح عملة نادرة وكل من يتبع الصدق في تعامله وعمله وأفكاره ومبادئه أصبح شاذا عن القاعدة السائدة
نفاق في العلاقات... في العمل... في التصرفات.. في الأخلاق..
نفاق تجاوز حدود المجاملة وأصبح عادة طبيعية ومقبولة بل مطلوبة.
نفاق ديني... نشاهد الناس تصلي في المساجد وفي الصفوف الاولى ولكن على أرض الواقع لا نشاهد انعكاسا لهذه العبادات بل العكس.. ظلم وفساد وأكل مال الحرام .....الخ ، والمهم هو النتيجة أن تبقى الصورة بأبهى حلة أمام المجتمع.
نفاق سياسي ، يؤيدون في الظاهر من يستلم السلطة ويخفون عدم رضاهم عنه، ويمدحون الحاكم في وجوده ويذمونه في غيابه، ويظهرون للمسؤولين مشاعر الود والاحترام ساعة يلتقون بهم ويسلقونهم بألسنة حداد حين يغادرونهم.
نفاق اجتماعي... في العمل.. في التعاملات.. في العلاقات.. المهم أن تبقى الصورة مشرقة بأعين المجتمع.
نفاق إنساني.. في الحب.. في صلة الرحم.. في الصداقة.. المهم أن تبقى الصورة إنسانية بأعين المجتمع
ولكن على أرض الواقع هو كذب بكذب ونفاق وليس إلا نفاقا.
وهو عادة أصبحت مبررة لهذا المجتمع المبطن الذي يخفي ما لا يظهر ، معللين ذلك بالمثل القائل : الغاية تبرر الوسيلة.
الصدق مرفوض ومن يتعامل بهذه العملة النادرة أصبح خارج نطاق هذا المجتمع المبطن بكذبه.
من يتبع النفاق.. يرتاح بحياته.. في عمله.. وفي علاقاته.
من يتبع الصدق.. يتعب في حياته.. في عمله.. وفي علاقاته.
ولكن السؤال هل هذا صحيح ؟
أم أن كل من يتبع النفاق أسلوبا يريد أن يقتنع بهذا؟
أنتم ما رأيكم؟؟
akthamkkk@yahoo.com