لأول مرة تفصح جماعة الاخوان المسلمين عن وجود برنامج قادر على اخراج الاردن من ازمته الكبيرة التي يعاني منها وهو برنامج يتضمن حلولا مشروطة حسب نائب المراقب العام للجماعة زكي بني ارشيد بإرادة حقيقية للاصلاح من السلطة في الاردن , وسواء أكان برنامج الانقاذ موجودا ام مجرد نوايا سياسية ام خطوة اعلامية , فإن اخفاء البرنامج وربطه بمطالب سياسية يدخل في باب الابتزاز السياسي.
الازمة الاقتصادية تستهدف الجميع حكومة ومعارضة واغلبية صامتة , وستلقي بظلالها على الجميع , وهي لا تقع ضمن نطاق الحكومة وعملها , فظلالها تطال الجميع وخطوة الرئيس في الانفتاح على جميع المكونات السياسية والاقتصادية للخروج من المأزق ترسل اشارات ايجابية الى الجماعة وحزبها والى كل التكوينات المجتمعية كي تسهم في انقاذ الوطن من ازمته , ونحن هنا نتحدث عن انقاذ وطن لا انقاذ حكومة .
الجماعة وعلى لسان بني ارشيد تتحدث عن استعدادات لايجاد مخارج وحلول امنة لا مكان فيها لمهزوم بل تنقذ البلاد والعباد , وهذا كلام ايجابي , فنحن لسنا في ساحة صراع بل في مرحلة انقاذ وطني بعد ان بات الاقتصاد الاردني في مهب العواصف وستنعكس هذه العواصف على مجريات الحياة الاجتماعية والامن الاهلي , ولعل إخفاء الحلول او الهروب من مواجهة اللحظة الصعبة يدخل في باب بيع الوطن وخيانته , ولا نعلم عن الجماعة انها كانت يوما رغم مخالفاتها المتعددة خارج السياق الوطني .
الانقاذ ليس مهمة فريق حكومي , وليس مهمة جماعة سياسية او حزب او نخبة , بل مهمة وطنية على الجميع التصدي لها ومواجهتها , اما بالاحتمال واما بالتقنين , والانفع والاجدى ان تكون لدينا وصفة للخروج من الازمة بأقل الخسائر ودون التأثير على المواطن الذي يأن تحت وطأة الحاجة , ونحمد الله ان الوصفة والحل بيد جماعة اردنية ؛ ما يجنبنا اللجوء لوصفات الصناديق الكونية والخبراء الاجانب .
نطلب من الحكومة سرعة الجلوس مع الجماعة, ونطلب من الجماعة سرعة تقديم الوصفة للعلاج , ولا ضير ان تكون هناك لجنة انقاذ وطنية او لجنة اقتصادية يتم تشكيلها من كل الخبراء واصحاب الاختصاص , وبوجود الاحزاب السياسية التي ستكون لاحقا على رأس السلطة التنفيذية كي يتم مناقشة الوصفة التي يتحدث عنها بني ارشيد والسعي الجاد والمخلص الى تطبيقها ان كانت فعلا قادرة على إخراج البلد من الازمة الاقتصادية والسياسية , فلا ينكر الازمة الا أعمى .
دون شك او تشكيك فإن اللحظة الراهنة تحتاج الى تضافر الجهود وعدم إدخال البلاد في مساومات سياسية او انكار وجود اي طرف سياسي , فنحن جميعا شركاء في الوطن ولا يمتلك طرف حصة في الوطن اكثر من الطرف الاخر , فنحن نختلف بالاردن ولا نختلف عليه .
ووجود خطة انقاذ او وصفة للعلاج مع طرف اردني يثير الاعجاب , حتى ولو كان هناك مساحة من الخلاف في الرؤيا والرأي مع هذا الطرف , لكن المهم ان تكون هناك وصفة وان يتم التعامل معها بجدية حكومية وبانفتاح من الجماعة , دون ابتزاز سياسي ودون تعنت رسمي , فما يهم المواطن والدولة الخروج من المأزق وليس على يد مَن , فالجميع اردنيون وآن الاوان للالتفات الى الازمة بشمولية ودون مناكفات سياسية ارهقت الخزينة والدولة , ودون مورابات وهروب من فاتورة الاصلاح الاقتصادي او تأجيلها؛ والاخطر السعي الى استثمارها لتحقيق مصالح سياسية تخدم حزبا او تيارًا .
omarkallab@yahoo.com
الدستور