عمون - لسنا ناكرين للجميل ولن نكون ، ونحن نحفظ لأشقائنا في دول الخليج العربية دورهم التاريخي في دعمنا وبالذات ، المملكة العربية السعودية التي وقفت دوماً إلى جانبنا بالمال والسلاح عندما حاربت معنا إبان حرب الاستنزاف التي تلت حرب عام 1967 ، وكان جيشها هنا على ارض الجنوب الأردني مدافعا عن ترابنا ، وكذلك هو الأمر بالنسبة لسائر دول الخليج ومنها الكويت التي كان لنا موقف لا يروق لها إبان حرب تحرير الكويت ، ومع ذلك فقد تناست ذلك كله ومدت يد العون والمودة لنا !.
تلك أمور لا ينكرها أو يتنكر لها ألا جاحد أو جاهل ، ومن هنا كانت دعوتنا الحارة كذلك لانضمام الأردن إلى منظومة دول مجلس التعاون الخليجي ، وهي مبادرة خفت بريقها وتراجعت ولا ندري لماذا بعد ان راينا فيها الحل الاستراتيجي الشافي لسائر مشكلات الأردن السياسية والاقتصادية وسواها.
ما يدفعنا اليوم للدعوة إلى التوجه صوب " طهران " إنقاذا لظروفنا الاقتصادية والمالية في ظل أزمة الطاقة المستعصية وما ينجم عنها من خطر شديد علينا ، هو إدراكنا العميق لتغير الظروف ولسطوة المطامح وتقاطعات السياسات الدولية التي تعمل على إخضاعنا ماليا واقتصاديا ، وحتى آخر مرحلة نكون فيها مضطرين للقبول بما يخدم المصالح والمخططات الصهيونية في الأمن والهيمنة والتوسع والتهويد والتهجير والتوطين إلى آخر المسلسل الصهيوني البشع ، أي بمعنى آخر زوالنا كليا عن الوجود خدمة لهذا الطموح الصهيوني!.
ندرك ان إخواننا في الخليج لا يريدون ذلك مثلما لا يريده أي عربي آخر ، لكن سطوة القوة الغاشمة سياسياً وعسكرياً واقتصاديا لدى دوائر النفوذ المستفحل في هذا العالم باتت تملي علينا وعليهم جميعا ما لا نريد وما لا نتمنى وما نرفض وبشده ، ولهذا فان دعوتنا للتوجه شرقاً نحو " طهران " هي إفهام للغرب كله ان فقرنا وجوعنا وضعفنا يمكن ان يتحول في لحظة إلى قوة ، وان إرادتنا وقرارنا لابد وان يكون بأيدينا عندما يتعلق الأمر بمصيرنا ، اما ان نكون مجرد قرابين تقدم على المذبح الصهيوني وبما يرضي صهاينة العصر وداعميهم ، فذلك امر لن يكون تحت أي اعتبار ، وليت " ايران " تغير من استراتيجيتها السياسية المرعبة للعرب ، لكانت عندها قد كسبت وكسبنا معها فهي أولا وأخيرا الدولة الإسلامية الأقرب في المشاعر والجغرافيا على حد سواء ، ولو إطمأن العرب لسياساتها لما كان بإمكان الغرب كله تهديدها أو حصارها.
هي دعوة لإيران المسلمة لان تعيد النظر في استراتيجياتها فالعرب هم جيرانها والأقرب إلى تاريخنا ، ومصالحها ومصالح العرب كافة تقتضي التقارب والطمأنينة وفي ذلك بالضرورة شقاء لما يسمى " إسرائيل " وأعوانها وصد لكل مخططاتهم المعادية للعرب ولايران معاً.
والله من وراء القصد