حسب جامعة الدول العربية خسر الاقتصاد العربي 120 مليار دولار، بفضل الربيع , والأرقام مرشحة للزيادة كلما طالت المدة , لكن التوقعات الاسوأ هي تلك التي تتمثل في ارتفاع البطالة، بتجاوز عدد الباحثين عن عمل بالوطن العربي، عام 2015، أكثر من 52 مليون شخص ، وهو رقم مفزع , فماذا بالنسبة للإقتصاد الأردني ؟.
لا يفوتنا في هذا المجال أن نذكر أن ما يسمى بالربيع الذي إجتاح عددا من الدول العربية - غير النفطية باستثناء ليبيا - جاء في ظل تداعيات أزمة مالية وإقتصادية عالمية هي الأسوأ منذ ثلاثينيات القرن الماضي , ما زاد الطين بلة !!
في الأردن هناك دراسة جديرة بالإهتمام صدرت عن التجمع الإستشاري للتطوير المالي والإداري « إسناد « حول أثر الحراك الشعبي في المنطقة والأردن على الإقتصاد , خلصت الى أن الخسائر المباشرة وغير المباشرة للإقتصاد الأردني منذ بدأ الربيع العربي ناهزت نحو 3 مليارات دينار حتى نهاية عام 2011 , بينما ترفع تقديرات شبه رسمية الخسائر الى ما يتجاوز 4 مليارات دينار .
قسمت الدراسة التي ركزت على الأثر على المؤشرات الإقتصادية الكلية , أثر الحراك المحلي وفي المنطقة في محاور ستة , نمو الناتج المحلي الإجمالي , الموازنة العامة , الدين العام , القطاع الخارجي , البطالة ومستوى الفقر ..
حصرت الدراسة الأعباء المالية التي تكبدها الأردن والتي ظهرت في المؤشرات الكلية ولغاية الربع الثاني من العام الجاري وقد كانت على النحو التالي : نصف مليار دينار بسبب تراجع النمو بمعدل نقطتين ونصف , 3 مليارات دينار عجز مالي في الموازنة العامة , زيادة المديونية بقيمة ملياري دينار , خسارة قدرها 6ر2 مليار دينار في ميزان المدفوعات , تناقص الإحتياطيات الأجنبية بقيمة 3 مليارات دينار , زيادة البطالة بمعدل نقطتين وزيادة في معدلات الفقر نتيجة لأعباء إضافية للاجئين من دول مجاورة .
جدير بالملاحظة أن جزءا لا بأس به من هذه الخسائر يمكن تحميله لتداعيات الأزمة المالية العالمية وهي مستمرة , ولتداعيات الربيع العربي وهي مستمرة كذلك وهي تداعيات لا حول ولا قوة للأردن فيها , لكن الخسائر في الجزء المتعلق بالحراكات المحلية , وأسوأها الإعتصامات المطلبية التي أسهمت في تعطيل الإنتاج والعمل في الشركات وفي عدد من دوائر القطاع العام , فقد كانت الأسوأ لأنها جاءت من الداخل .
لم تغفل الدراسة إقتراح بعض الحلول مثل أن يرافق الإصلاحات السياسية إصلاحات إقتصادية تمس قوانين الإستثمار والضرائب والمالية العامة ومعالجة التشوهات التي يعاني منها الإقتصاد وضرورة وضع برنامج إصلاح وطني مصحوب بشبكة أمان ووضع برنامج يعالج تطلعات الحراكات المنطقية .
الدراسة لم تدخل في تفاصيل الحراكات وأشكالها بين ما هو منطقي وما هو ليس كذلك وهي مهمة مراكز بحث أخرى , كما لم تناقش الأسباب التي هيأت البيئة لإنطلاق بعض الحراكات ذات الطابع المعادي للمرافق الإقتصادية وفي مقدمتها الشركات الرئيسية وقد تكون هذه أيضا مهمة مراكز بحث أخرى تعنى بتحليل الأسباب والدوافع , وفي مقدمتها إشاعة أجواء التشكيك والإتهامية بالفساد وهدر المال ونهب الثروات وغيرها.
أسوأ النتائج هي أن الأثار السلبية التي طغت على الإيجابيات , أطاحت فعلا بأهم مكتسبات عملية الإصلاح الإقتصادي والإجتماعي التي بدأت في الأردن بعد أزمة عام 89 , وهي التي تقود الاردن مجددا نحو العودة الى برامج تصحيح أكثر مرارة , ما يعني أن فاتورة الربيع العربي والحراك الأردني باهظة الثمن .
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي