عمون - هل نقول إنهم أخيراً (اعترفوا).. بماذا يهمّ الاعتراف, ما دمنا جميعاً نعرف (القاتل)؟!
نعرفه؛ منذ أن سقط في بحيرة (شقائق النعمان), منذ أصبح (سبعون هدفاً في جسد), نسبة إلى الطلقات التي أصابت جسده وقت الاغتيال, منذ أن مزجت زوجته (انتصار الوزير) دموعها بدمائه وهي تعانقه لحظة خروج الروح من الجسد.. منذ أن صار ابريل أقصى الشهور, لأن أبريل من العام 1988 جرح الجميع حتى النخاع..
كم هم وقحون.. ماذا فعل القتلة أكثر من الإفصاح عن هويتهم؟..
لقد اغتالوا الكثير... الكثير في كل مكان بكاتم الصوت ذاته، وبالقناع ذاته.. وانتصروا بشروط الغابة، غابتهم..
قبل أيام اعترفت إسرائيل للمرة الأولى بمسؤوليتها عن اغتيال الرجل الثاني بمنظمة التحرير الفلسطينية ومخطط الانتفاضة الأولى خليل الوزير (أبو جهاد)، كما ورد في صحيفة «يديعوت احرونوت», وكشفت الصحيفة هوية قائد وحدة الكوماندوز الإسرائيلي (ناحوم ليف) الذي قتل (أبو جهاد) في قلب العاصمة التونسيّة في الخامس عشر من نيسان 1988.
يذكر أن (ليف) قتل بحادث دراجة نارية في إسرائيل في العام 2000..
أسئلة تجول في الذهن..
أولها: لماذا قتل (ليف) بعد إجراء المقابلة الصحفية بأيام واعترافه بقتل (ابو جهاد)؟.. بمعنى آخر؛ هل عاقب (الموساد) هذا المجند لكشفه حقيقة أن إسرائيل وراء العملية؟..
ثانياً: لماذا الآن؟.. لماذا تكشف (يديعوت) تفاصيل المقابلة بعد 12 عاماً على إجرائها, في الوقت الحالي؟..
ثالثاً: كيف تستطيع فرقة (كوماندوز) مكونة من 26 عنصراً اجتياز جميع الحواجز التي تحول دونها ودون (خليل الوزير)؟, مع العلم أننا نتكلم عن رجل يحتل المرتبة الأولى على قائمة المستهدفين من قبل الموساد الإسرائيلي..
رابعاً: كيف للرجل الثاني في المنظمة أن يُحمى من قبل شخصين فقط, مع العلم أن المعلومات التي كان الجميع يتناقلها بأن هنالك المئات من القوة (17) مكلفون حماية الشخصيات الكبيرة في المنظمة.. أين كان هؤلاء؟.. وهل جاءت أوامر لهم بتخفيف الحراسة عن (أبو جهاد) قبل العملية بساعات؟..
أسئلة كثيرة تدور في الذهن.. لعل أبرزها: هل رغب أحد ما داخل المنظمة بتسهيل عملية تصفية أبو جهاد باعطائه الأوامر لتخفيف الحراسة عن المجمع السكني الذي يقطن فيه هو وعائلته في تونس؟..
نحن لا نستطيع تقمص شخصية (المحقق), ولا نريد فتح ملف غامض من أجل استعادة الآلام.. ولا نهدف إلى قلب الطاولة على أحدٍ (إن كان ميتاً أو حاضراً بالوجود).. وما دام القاتل معروفاً, فـ نحن فقط نسلط الضوء على أسئلة تدور في ذهن البعض.. البعض ممن يهتم لأمر هؤلاء الذين نذروا حياتهم لأجل قضية أو مبدأ أو هدف..
تبقى فكرة الحديث..
سيحتاج الوعي الجماعي الدولي الناظر إلى تباهي دولة (مارقة) كـ إسرائيل بتفوقها في فنون الإرهاب, وإلصاقه بـ الضحية دوماً.. سيحتاج إلى وقت أطول وإلى اغتيالات أكثر، كي يعيد (العالم) صياغة مفهوم جديد عن الإرهاب ..
هذا سيقودنا بلا شك إلى سؤال بدهي..
من هو الإرهابي؟..
هل هو الشعب الذي يدافع عن حقه في الوجود، أم هي الدولة التي تغتال (خليل الوزير) بدم بارد وتتفاخر..
"الرأي"