إللي بدري بدري وإللي ما بدري بقول غاز !
سلطان الحطاب
06-11-2012 02:40 AM
هي القصة نفسها في استعمال «كف عدس»..للذين يعرفونها وهي تتعلق بمن لا يستطيع أن يقول الحقيقة ويقول غيرها حين تكون الحقيقة مرة فالمسألة ليست في الغاز المصري وانما في الداوفع الحقيقية وراء استخدامه كورقة وذلك في خفض تصديره إلى 16% وعدم تطبيق الاتفاقية المبرمة وتحويله الى ورقة سياسية ضاغطة..رغم مضاعفة سعره لمرات..قد يقول البعض كيف؟ وما علاقة الغاز أن يكون ورقة سياسية ؟ ومنذ متى كانت مصر بعد عبد الناصر تدخل الى لعبة الضغط وتصدير الأزمة أو لنقل الان (الأخونة) نسبة الى الاخوان المسلمين !!
بداية كنا نستورد الغاز المصري الذي كانت مصر تصدره الى اسرائيل أيضاً وكنا نتفهم تعطيله حين كانت خطوطه عبر سيناء تضرب ثم تصلح ولأكثر من عدد أصابع اليدين ..وبعد الثورة أو الانقلاب كما في الواقع حين جرى دحر مفجري ثورة 25 يناير من الشباب والاحزاب واستبدلوا بحزب القرضاوي الذي كان وصوله للقاهرة مشهداً تمثيلياً يشبه وصول الخميني الى طهران..واذا بالنظام الذي سهل العسكر له الوصول الى السلطة يبتلع كل ما عداه وياتي ثمرة توافقات خارجية وإخوانية جرى التمهيد لها منذ زمن بعد ان سمح لمن وصفوا بالارهابيين في ظل حكم مبارك من أن يغسلوا برامجهم ويقدموا نسختها الجديدة للإدارة الأميركية لتعتمدها منذ قالت كونزاليسا رايس وزيرة الخارجية في عهد بوش الابن في الجامعة الاميركية في القاهرة مخاطبة الرئيس مبارك «دعوا الاسلاميين يعبرون عن انفسهم» ..وبعد ذلك كررت هذه العبارة السيدة كلينتون وزيرة الخارجية الاميركية وفي القاهرة مرة أخرى وقد أضافت عليها تعبير «ويشاركون في الحكم» ثم بدأت المسبحة تكر لا في مصر وحدها وانما سبقت تونس وليبيا وهناك مخاضات ما زالت قائمة في أكثر من بلد.. لقد ركب الاخوان المسلمون الموجة واتخذوا من الربيع العربي وسيلة للقفز الى مفاصل الحكم فوراً في الدول التي اجتاحها الربيع وما نموذج مجلس النواب المصري الذي حُلّ الا مثال على ذلك التوقيت المبكر..!!
نعود الى الغاز الذي تحوّل لوسيلة «وحصان طروادة» وورقة ضغط علينا ونفهم الان الزيارات المكوكية لاخوان الأردن الى اخوان مصر والعبارة التي فهمت خطأ من وزير الخارجية ناصر جودة والتي جرى استغلالها في التغطية وتغليظ العقوبة وبداية الكشف وأراد الاخوان هناك والاخوان هنا الغاز ورقة تأزيم إضافية لدفع الشارع أن يخرج وأن تزداد المعاناة الأردنية الاقتصادية من انقطاعه..وتحول الغاز وكأنه قنابل غاز ترمى ولم يدرك المصريون في غالبيتهم كيف تتصرف القوى المهيمنة على الحكم في بلادهم في علاقاتها الخارجية الجديدة فمع اسرائيل وجه وما زالت المعاهدة سارية وقد وصل السفير الى تل أبيب ويعمل وما زالت الاشارات للادارة الأميركية مطمئنة وتحمل ما يجعل الاميركيين يثقون بالالتزام الذي قال به الاخوان وأكده الرئيس مرسي وفي العلاقات الخارجية ازاء العرب والبلدان التي لم يصل الاخوان فيها الى السلطة وجه آخر فنشوة الانتصار في مصر وتونس وليبيا جعلت بعضهم تاخذه العزة بالاثم يرفض المشاركة في الانتخابات ويقلل من قيمة الاصلاحات ولا يرى ضرورات الدولة بل ورأينا كيف تمارس سياسية الاستقواء والاستفادة من الضغوط الخارجية وتحويل ورقة الاخوان هنا من ورقة يفترض ان تساعد على الحل الاقتصادي الى ورقة تأزيم لهذا الحل..
في مصر تشكلت دائرة في مكتب للرئيس المصري مرسي تعنى بشؤون الاخوان المسلمين على المستوى الاقليمي والدولي وهي الذراع الخارجي للحزب الحاكم وتأخذ تعليماتها من المرشد العام الذي يوجه المكتب الخاص وتدرس أوضاع الاخوان المسلمين في العواصم والدول..ويبدو أن ملف الغاز المصري للاردن دخل الى المكتب وجرى تداوله وكيف يمكن استثماره كورقة ضغط على الدولة الأردنية في زيادة تعقيد أوضاعها طالما أن الاخوان المسلمين لم يأخذوا ما يريدون طالما أن الحراك الداخلي لهم لا يكفي ولا ينضج الربيع الذي يتطلعون اليه ويراهنون عليه بسبب تماسك الأردنيين وكشفهم للعبة في المنطقة..
اذن لا بأس بقليل من الغاز على قش الحالة الأردنية الذي أراده الاخوان يابساً لزيادة الاشتعال وتهيئة الظروف تحت مسميات مختلفة فالغاز ليس الا مفردة جديدة في الضغط والانتصار للاخوان هنا لحساب من هم هناك فهل ننتبه؟ وهل ينتبه الأشقاء في مصر لذلك؟ وهل يعثر مفاوضونا من أجل الغاز على ما يدلل الى ما نذهب اليه؟..
أما تمكين الاخوان هنا وارضائهم ورشوتهم بإعادة المركز الاسلامي وما يحويه من أموال لتصرفهم فذلك سؤال آخر كبير يبحث عن اجابة لها علاقة بالثمن أم أن ذلك هدية مجانية في غير وقتها ورصاص لبنادق الاخوان التي ظلت تشكو الشح وقسوة الرقابة؟!!
alhattabsultan@gmail.com
الرأي