تداعيات سياسية و امنية على الداخل الاردني
د. عامر السبايلة
05-11-2012 09:35 AM
من الطبيعي ان استمرار الأزمة في سوريا قد يزيد من فرصة انتقالها الى المحيط المحاذي للحدود السورية. الخطر الأكبر يتمثل بانتقال العمليات الارهابية و خصوصاً "عقلية التفجيرات العبثية" التي لا تحتاج الى تخطيط معقد, و تهدف الى استهداف اكبر عدد من المدنيين عبر ضرب اماكن التجمعات الشعبية. هذه التكتيكات اثبتت مؤخراً فعالية عالية في عدة اماكن و في سوريا -على وجه الخصوص- حيث يعوض فشل المسلحين العسكري عن طريق إثارة سلسلة من التفجيرات التي تستهدف المدنيين. أخطر ما يميز هذا النوع من العمليات هو: سهولة تطبيقها و صعوبة مكافحتها.
صحيفة The World Tribune الأمريكية افتتحت مقالاً لها بالأمس تحت عنوان "هزيمة المقاتلين في معركة حلب.. الهزيمة الكارثية لتركيا وقطر". الصحيفة اعتبرت ان هزيمة مقاتلي المعارضة في سوريا هي بمثابة هزيمة كارثية لأنقرة و الدوحة, حيث ان هذه الهزيمة قد تعييد تقييم الوضع الميداني في سوريا. الصحيفة أكدت في تقريرها أن تركيا وقطر تهدفان إلى القضاء على نظام الأسد من خلال احداث و افتعال أزمة إنسانية لإجبار الولايات المتحدة على التدخل العسكرى فى سوريا. الملفت للنظر أن الصحيفة اعتبرت أن هزيمة المعارضة فى حلب ستجبر أنقرة والدوحة على إعادة تقييم الأمور من جديد.
اذاً فشل تركيع سوريا عبر الادوات الإرهابية قد يؤدي الى توسيع رقعة الارهاب في المنطقة, و ذلك وفقاً لعاملين اثنين:
الأول: ان فشل اسقاط سوريا ضمن سيناريو نشر الفوضى الأخير, قد يدفع اصحاب هذه الأجندة الى التفكير في توسيع رقعة الفوضى أملاً منهم بإعادة المواجهة مع سوريا عبر بوابة جديدة و بتكيتك مختلف قليلاً قد يهدف الى تدويل قضية ذات بعد اقليمي غير مقتصر على سوريا فقط بل يشمل دول أخرى.
ثانياً: الأعداد الكبيرة من المقاتلين الذين تم ادخالهم الى سوريا و الذين يسعون للخروج اليوم " باي طريقة و الى أي مكان" قد يرشح المناطق الحدودية المحاذية لسوريا –بلا شك- لاستقبال هؤلاء المقاتلين سواء بطرق شرعية او غير شرعية و قد يعرضها ايضاً الى استهداف أمني حقيقي نظراً للتحولات السياسية و الأمنية في المنطقة من جهة و العقلية التي يحملها هؤلاء المقاتلون, فمن وصل سوريا "مجاهداً" قد يجد في أي مكان في بلاد الشام ضالته.
كل هذه التحولات على الأرض و بداية انتقال بوادر الأزمة الى دول جديدة كالكويت و الامارات و قد تكون الجزائر لاحقاً يشير الى ان المنطقة تمر بمخاض قد يفضي الى تحولات جذرية في شكلها السياسي و الجغرافي. من البعد الاستراتيجي الأردني, من المهم اذاً توصيف شكل هذه الحالة و التطرق الى التوقعات في شكل برنامج التسويات القادم. الأردن على موعد مع تحد جديد, فبعد انحسار فكرة دخول المؤسسة العسكرية الأردنية في اي صراع في سوريا, تظهر بوادر جديدة تسعى لتوريط الأردن في سيناريوهات بديلة. الحديث المكثف مؤخراً عن الضفة الغربية و دور اردني متوقع في الضفة هو عبارة عن "أمنيات" لعقلية ترى في ضرورة توريط الأردن عسكرياً في الضفة الغربية ترجمة لرؤيتهم الهادفة الى ضمان كسب النتائج السياسية الناتجة عن مثل هذا التدخل العسكري. منطقياً, فكرة الكونفدرالية السياسية تصبح أسهل للتطبيق في ظل وجود قوات أردنية في الضفة. لهذا هناك من يسعى جاهداً الى التأسيس لحالة من الفوضى بحيث يصبح التدخل العسكري امراً حتمياً. ببساطة فريق ما يسمى "التفجير العربي" الذي انضم اليه فريق خالد مشعل السياسي يرى في هذا السيناريو فعالية عالية للوصول الى رأس السلطة الفلسطينية. على كل الأحوال, هناك من ينسى ان على الأرض في غزة هناك تحالفات جديدة تتشكل بعيداً عن مفهوم "الانتهازية السياسية" و التي سيكون لها دور مهم في اعادة رسم شكل المقاومة في القريب القادم.
اذاً بالرغم من الضبابية التي تمر بها المنطقة الا ان الطريق الى التسوية السياسية في سوريا بات معبداً و سيناريوهات متعددة تلوح بالأفق, الا ان مراهنات بعض الاطراف على تعطيل مشروع التسوية قد يرشح المنطقة الى نزاع يتجاوز الحدود الجغرافية السورية. الحقيقة, ان صمود سوريا قد يعمل على تسريع خضوع دول عربية كثيرة لامتحانات سياسية كبيرة, خصوصاً بلدان الجوار السوري. لهذا, أردنياً لابد من الانتباه الدائم لمسار و مجرى الأحداث على الصعيدين السوري و الفلسطيني.
د.عامر السبايلة