صورة اي انتخابات تعتمد على عاملين ، درجة النزاهة والحرية التي تجري فيها وقانون الانتخاب الذي يحدد نظام الترشيح والتصويت . وبالنسبة للنزاهة هناك تعهدات قاطعة من رأس الدولة بأن تجري انتخابات كانون الثاني المقبل بكل نزاهة وشفافية ، وحتى الان تدل كل المؤشرات على أنها ستكون كذلك، وعلى اي حال فان ضمان النزاهة يعتمد أيضاً على الناخبين ودرجة الوعي الوطني بين صفوفهم .
اما عن قانون الانتخاب الاردني فانه يحمل هذه المرة تطورا جديدا وهو القائمة الوطنية الى جانب الصوت الواحد ومع ان هذا القانون لم ينل التوافق والإجماع حيث تستمر مقاطعة المعارضة للانتخابات الا انه يحمل تحديات جدية للمجتمع وللناخب الذي قرر ان يذهب الى الصناديق .
يعتبر نظام الصوت الواحد من افضل الأنظمة الانتخابية لكن ذلك يعتمد على البيئة السياسية والاجتماعية التي يطبق فيها ، فالصوت الواحد يخلق علاقة مباشرة بين النائب والمواطن بسبب ما يفرضه من صغر حجم الدائرة الانتخابية لكن هذه العلاقة تكون صحية وللصالح العام ان ارتكزت على ان يكون اختيار النائب قائما على البرامج الانتخابية للاحزاب والكتل الانتخابية وليس على اساس المال السياسي والولاءات العائلية والعشائرية وهذا يعتمد على قوة الاحزاب وبرامجها وقدرتها على ان تكون عابرة للدوائر الصغيرة .
في انتخابات كانون الثاني المقبل توجد فرص وتحديات امام الاحزاب والناخبين على حد سواء ، فالقائمة الوطنية رغم تواضع عددها تمثل دعوة غير مسبوقة الى مرشحي الكتل لكي يخوضوا حملة انتخابية تستند الى البرامج ، لان عليهم ان يخاطبوا المواطنين في جميع المحافظات بغض النظر عن انتماءاتهم الجهوية او العشائرية وغيرها ، وهي أيضاً تمثل اختبارا للناخب في قياس درجة التحول في وعيه بعد عامين من الربيع الاردني . فهل سنرى ناخبا مختلفا يعتمد اختيار القائمة والدائرة الصغيرة على اساس البرنامج والكفاءة للمرشحين، ام ان الامر لن يتغير مثل اي انتخابات سابقة ؟
ليس كل ما يجري من سلبيات يوضع على ظهر قانون الصوت الواحد ، فوعي وارادة الناخب هما العامل الحاسم مهما كانت ماهية نظام الانتخاب ، صحيح ان القانون الجيد المتوافق عليه وطنيا يختصر الطريق نحو مجتمع سياسي صحي وديمقراطي لكن في كل الأحوال يعتمد ذلك على الناخب ولحظة اختياره امام الصندوق .
اذا كنا نريد ديموقراطية سياسية فهذه لن تتحقق بدون أحزاب قوية تفرض الطابع الوطني البرامجي على نتائج الانتخابات . . لنمنح الاحزاب هذه الفرصة عند اختيار القائمة وفي اختيار مرشح هذه الاحزاب في الدوائر الصغيرة ، واذا كنا نريد الاستمرار في مسيرة الاصلاح الشامل فالكرة أيضاً في ملعب الناخبين ، لأنهم وحدهم من يوصل النواب الى المجلس لكي يشرعوا ويراقبوا ويحاسبوا ، فإذا انتخبوا الكفؤ الصادق الأمين فان المسيرة ستتقدم الى الامام واذا كان العكس فهي الى الخلف ولا يلوم الناخب الا نفسه . وليست صحيحة هذه المواقف السلبية التي يتنصل فيها الناخب من مسؤوليته الوطنية بالادعاء ان كل المرشحين سواء . فالمثل يقول ( إن خليت بليت ) وفي كل الظروف وتحت اي نظام انتخابي يظل في هذا الوطن من يستحقون الوصول الى البرلمان إنْ أحسن الناخبون الاختيار .
الرأي