من يدير الانتخابات سياسيا؟
فهد الخيطان
31-10-2012 05:16 AM
العملية الانتخابية بمراحلها الإجرائية مسؤولية الهيئة المستقلة للانتخاب؛ فهي المعنية حصرا بالتسجيل وتحضير جداول الناخبين، والترشيح والتصويت، وصولا إلى إعلان النتائج. هذا أمر بات معروفا، ولا يجوز بأي حال التعدي على صلاحيات الهيئة أو التلاعب بالانتخابات من وراء ظهرها. لكن الانتخابات عملية سياسية بامتياز؛ فمن يديرها من هذه الناحية؟
الانتخابات المقبلة تحد صعب واستثنائي، وفرص النجاح تساوي فرص الفشل لأسباب ثلاثة رئيسة: الأول، أنها تجرى وفق قانون يعتمد للمرة الأولى نظام القوائم الوطنية إلى جانب الصوت الواحد. والثاني، أن قوى رئيسة في المجتمع تقاطع هذه الانتخابات وتراهن على سيناريو فشلها. والثالث، أن مصير الخريطة الإصلاحية للدولة مرهون بنجاح الانتخابات في إفراز تركيبة برلمانية مؤهلة لتشكيل حكومات أغلبية مستقرة.
طيلة الأسابيع الماضية، انشغلت أجهزة الدولة بحملة مكثفة لتشجيع المواطنين على التسجيل واستلام بطاقاتهم الانتخابية، ونجحت إلى حد كبير في تحقيق الهدف. ومع اقتراب موعد الانتخابات، سنشهد حملات مماثلة لتحفيز الناخبين على المشاركة في التصويت. لكن هذه المهمة على أهميتها ينبغي أن لا تشغل عقل الدولة عن التفكير بالطرف الثاني في العملية الانتخابية، وهم المرشحون.
الملامح الأولية لخريطة المرشحين لا تبشر؛ أسماء تقليدية، وشخصيات غير مسيسة، ورجال أعمال يسعون إلى النجومية والشهرة ليس أكثر. الأحزاب والشخصيات السياسية تتململ، وماتزال مترددة. ومن يفكر في تشكيل قوائم وطنية يواجه بعقبات كثيرة. وفي داخل الحزب الواحد والتيار الواحد ثمة خلافات حقيقية حول ترتيب الأسماء في القائمة، وتأمين التمويل اللازم للحملات الانتخابية، وغيرها من التحديات التي تفرضها تجربة انتخابية غير مسبوقة وفي مناخات سياسية غير مواتية.
القائمة الوطنية هي الإضافة النوعية الوحيدة على نظام انتخابي سيئ، وبهذا المعنى تكون مفتاح النجاح. ووفق المعطيات الراهنة، ستتشكل قوائم كثيرة لا يزيد عدد المرشحين فيها على الحد الأدنى المسموح به "9 مرشحين". ذلك يعني أن المقاعد الـ 27 ستتبعثر بين القوائم، ويضيع نوابها في بحر المقاعد الفردية تحت القبة.
إن القيمة الحقيقية لنواب القوائم أنهم يدخلون المجلس كمجموعة موحدة، ويشكلون بذلك نواة لكتل برلمانية ناضجة، تجذب إليها نواب المقاعد الفردية. ولذلك، فإن المصلحة تقتضي العمل على تشكيل تحالفات انتخابية عريضة لتحظى بأكبر عدد ممكن من مقاعد القائمة الوطنية. ويمكن لهذه القوائم أن تبني تحالفات مع مرشحين عن المقاعد الفردية أيضا، بحيث توجه جمهورها في تلك الدوائر لمنح الصوت الثاني لهؤلاء المرشحين، وبذلك تضمن تشكيل كتل برلمانية قوية ومتماسكة.
مسؤولية الدولة على هذا الصعيد هي تشجيع القوى والشخصيات السياسية على تجاوز خلافاتها، والتلاقي في قوائم انتخابية كبرى، لتحصل على حصص جزلة من مقاعد القائمة الوطنية.
هذا العمل ينبغي أن يبدأ منذ اليوم. وقبل البحث في تشكيل القوائم، على الدولة أن تشكل خلية لإدارة الانتخابات بوصفها عملية سياسية.
النجاح في الانتخابات سيحسب للدولة، والفشل سيحسب عليها أيضا بكل ما يترتب عليه من نتائج وخيمة.
الغد