facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حبيب الزيودي *علي الخوالدة

30-10-2012 09:28 PM

كتب علي ابراهيم الخوالده

كنتُ أظنّ فيما مضى أنّ الموتَ يرقصُ بعيداً عنّي ، وأنّ أمامي في الحياة متسعاً كبيراً، ورغم أنّي لا أخافه ، لكنْ في السنتين الأخيرتين تولّد لديّ إحساسٌ بأنه يقتربُ منّي كسرب نمل، فلقد زحفتُ نحوَ الأربعين في السنوات الاخيرة بسرعة الضوء ولم يعد يفصلني عنها إلا أشهر، منذ شهرين فقدتُ صديقاً عزيزاً فجاةً دونَ مقدمات ودون سابق انذار، كنتُ دائمَ الاشتباك معهُ في شؤون الحياة, أثناء رحلةِ الدوام اليوميةِ من بلعما الى عمّان، ولكنه في آخر أيامه شكى لي كثيراً مَلَلَهُ وضَجره من هذه الوظيفة، وأنه يتمنى أن يقضي آخر حياته الوظيفية في قريتنا الوادعة في بلعما حتى التقاعد، والآن رحيل حبيب الزيودي جعلني أشعرُ أنّ الموت يقترب مني بسرعة، ولكني أستمتع بهذا الاقتراب، فأنا أعيش أحلى وأمتع لحظاتِ العمر في عملي ومع أسرتي وأصدقائي.
المؤكد أنّ الأردنَ فقدَ شخصيةً عظيمةً، وقامةً شعرية لا مثيلَ لها في هذا العصر، وتجرية حياتية وأدبية ثرية ، قدْ لا تتكرر في المدى القريب أو البعيد!.

تعرفتُ على حبيب الزيودي منْ خلال شِعرهِ قبلَ أن أراه في بداية التسعينات، وشغفتُ بالشّعر والشّاعر، وبقيت أردّدُ بعضَ أبيات حبيب بيني وبين نفسي, بنشوة تملئ الرّوح، فحبيبٌ يتحدثُ في شِعره عن أيّ شابٍ في أيّ قريةٍ منْ قرى الأردن, بألمه وطموحهِ ومعاناته، ولكنْ في مرحلة أنضج من العمر عمق لديّ شعرهُ الهوية الوطنية بكل وضوح، وولّدَ لديّ شعوراً بأنّي أعيشُ في وطنٍ جميلٍ بترابه وشجرهِ وشهدائه و نسائه ذواتِ الخُصور الجميلة، فكانَ شعرهُ أبلغ من ندوات السياسيين عن المواطنة والهويّة، وأصبحتْ العالوك بسنديانها وغاباتها و أبنائها وحبيبها رمزاً لكل قرى الاردن و عاشقيه ، بل إنّ شعر حبيب جعلَ أصدقاءَهُ يعشقون العالوك ويسكنونها، وصنعَ من العالوك رمزاً للقرية الجميلة الّتي تحوي شاعراً متمردا، يرفضُ أنْ يغادرها بكل عناد متمسكاً بأمّه الأرض، وأتخيل الآن أنّ العالوك كانت تمتلئ ضحكاً وصخباً ووجعاً وسياسةً عندما يلتمّ حبيب مع أصدقائه وضيوفه ومحبيه ومريديه في بيته تحت السنديانة.

وفيما بعدْ إلتقيتُ بحبيب, شابٌ أسمر تبتسمُ عيونه قبلَ شفتَيْه عندما يفرح، وازددتُ قرباً منه بفعل عامل المصاهرة بين أسرتي و اسرته الكريمة، فتعرفت على شخصيةٍ إستثنائية، وعلى رجلٍ يحبّ أسرته وأبناءَه محمّد وبشير وأمّه وإخوَته حباً جمأً، وأدركتُ أنّ الحبلَ السرّي بين أهله وأسرته لم ينقطع، وعرفت أخوة يحبون شقيقهم الحنون الشفاف درجة العشق،وعرفتهُ أكثر عند تزاملنا في مرحلة الماجستير في الجامعة الهاشمية، فمشينا كثيرا بين المكتبة وبين عمادة شؤون الطلبة نتأمل شاردات الخصور، وذات يوم سحبني من ذراعي الى دائرة النشاط الثقافي في الجامعة يبحث عن شباب في مقتبل الشعر من الطلبة، و جلسنا معاً نستمع إلى أرواح صغيرة بريئة جميلة تنظم كلمات الحب والجمال ، و بعد أنْ خرجنا أسرّ لي بأنّه إكتشف بينهم شاعراً ذا مستقبل واعد، وأنه سينظم أمسيةً لهذا الشاب في بيت الشعر -الذي التصق بإسم حبيب الزيودي،
وفعلاً صار .

لم يكنْ حبيب يوماً طامعاً في سلطة أو مال او نفوذ ، و كانَ رحمهُ الله كريماً جداً، يحملُ قيم قبيلته قبيلة بني حسن و تراثها و لكنْ بروح الشّاعر والأديب وبنبلٍ عزّ نظيره .

في وداع حبيب الزيودي اجتمع الأردنيون وتوحدوا على وجع داخل القلب يبدو أنّه سيطول، وفي الوداع رأيت دموعَ وزير ثقافة سابق تنمهر، وعندما صافحتهُ شعرتُ أنّ الدم في عروق يديه يبكي حُرْقة، و رأيت حزن رفيق رحلة العمر سالم الخزاعلة وألمه وانكساره وسرحانه، واستمعت إلى عبد الهادي الفلاحات النقابي البارز، يتحدث بألم عن فقدان الوطن لشاعره الذي جمع في شعره مكوّنات الأردن وتنوعه وتلاوينه وجماله.
في وداع الراحل أمّ العزاء الأردنيون بمختلف مشاربهم السياسية والاجتماعية من الأدباء والمثقفين والفنانين ورجال الأعمال والاقتصاد و السياسيين بمختلف توجهاتهم الأيديولوجية والفكرية.

في يوم الوداع قال لي سياسيّ مُخضرم أن الأردنّ خسرَ شاعراً بحجم الشّمس قلّما يجودُ به هذا الزمن، وأنّ الأردن قد ينجب عشرات السياسيين في سنة و لكنه يحتاج إلى عشرات السنين لينجب حبيب.

الدكتور عمر القيام الناقد و الأكاديمي المتدين بلحيته التي طار نصف غرابها أو أكثر فزادته خشوعاً ووقاراً قال إنّه عندما قرأ قصيدة حبيب "طار الغراب" - ولم يكن يعرفه- قرأ لشاعر بحجم المتنبي، و أنه أعاده إلى عصور العرب في أوج حضارتهم، و أنّه استمر بعد ذلك حبيباً لحبيب .

الكاتب والصحفي جميل النمري في اتصال هاتفي في العيد قال لي: قدْ يغيبُ عنكَ حبيب لسنوات، ولكن عندما تلتقيه تحس بأنّه كان يجب عليك أنْ لا تضيّع كثيراً من بهجة العمر بدون جلسة معه، و أكمل لي يا صديقي لا تنقطع عني كثيراً فما بقي في الحياة فسحة كبيرة .

في بيت العزاء وفي مكان قريب من روح حبيب في مقبرة العالوك رأيت كثيرين يتألمون ألماً صادقاً لمْ أشهده في حياتي من قبل؛ أبناءَه و أشقاءَه و أبناء عمومته ومخلد الزيودي و رمضان الرواشدة وحسين عبده موسى
وعبد الله أبو رمان و أشرف أباظة و المئات غيرهم .

أحباء حبيب الانسان و الشاعر لا تملك إلا أنْ تحبهم من الوهلة الاولى لصدقهم وحبّهم لحبيب، شعراء يحيون الوطن بالحرف و الكلمة، لؤي بني حمد ومحمد ساري ومحمد واصف وعمر عبيدات، هؤلاء الأحبة اللقاء معهم يجعلك تشعر بالأمل و السرور ويزداد طموحك أنّ هناك في الاردن مبدعون سيسيرون على الدرب.

اجتمعوا في العالوك يحدثونك عن كرمْ و رعاية و اهتمام حبيب بهم رعاية الاب الحنون لأبنائه.

رحمك الله يا حبيب
حبيب عريس الوطن الأجمل ،،،،،،،،،،،،
عريس تراب الوطن ،،،،،،،،،،،،،،
بعدك يا أبا محمد ،،،،،،،،،،،
الحمام ما طار ،،،،،،،،،،،
وخيول الربع بلا صهيل ،،،،،،،،،
ولا مواقد العالوك أوقدت نار،،،،،،،،،
وظل القمري (يغنيلك ) حزين وفي أصيل ....
ولا العذارى بعدك ،،،،،،،،،،،
غسلن أو سرحن شعر ،،،،،،،،،
وظل القمري وفي أصيل،،،،،،،،
( يغنيلك) نغم حزين ،،،،،،،،،.
يا حبيب، أصدقاؤك لؤي وعمر وأبو ساري وآخرين, غادروني إلى روحك في مقبرة العالوك جمعوا زهور الحقول وريش البلابل و أقحوان الارض وورق السنديان يقرؤون الفاتحة، فتبعتهم عصافير الموارس وبلابل الأشجار وبكاء العذارى ونواح العجائز حتى خيول القبيلة التي كانت تطارد قبل عشرات السنين من العالوك الى طواحين عدوان في الطهر والعرس والحصيد ، جميعهم ذهبوا الى قبرك و زاروا روحك الطيبة .
رحمك الله يا حبيب الله...
فراقك جعلنا نسكن العالوك و تسكننا و ما زلنا هناك .





  • 1 صدام حسين الخوالده 31-10-2012 | 12:35 AM

    ابدعت با دكتور علي ... فقد كتبت باحساس صادق .... رحم الله حبيب

  • 2 خالد نجادات 31-10-2012 | 02:08 AM

    ابدعت يا أستاذ علي

    "فراقك جعلنا نسكن العالوك و تسكننا و ما زلنا هناك"

  • 3 زيوديه 31-10-2012 | 02:17 AM

    صح لسانك يا اخي

  • 4 rasha 31-10-2012 | 01:41 PM

    أي جرح سببه غيابك يا حبيب ... رحمك الله ...

  • 5 اردنية 31-10-2012 | 02:17 PM

    تعبير مؤثر
    i like

  • 6 جميل النمري 31-10-2012 | 02:41 PM

    ابكيتنا يا علي مجددا. اي ثمن باهظ لتكتشف مجددا نفس الدرس في الحياة. سنجلس ونقرأ شعر حبيب في العالوك بضيافة سالم خزاعلة. ولن نفوت فرص اللقاء والسهر معا ، واعرف اننا سنتبادل الاعتماد كل واحد على الاخر للمبادرة ..!!! سلم قلمك ايها العزيز

  • 7 د.ماجد محمد الزيودي 31-10-2012 | 04:47 PM

    إلى رحمة الله يا أبا محمد...ولا حول ولا قوة الا بالله
    أخي علي الخوالدة
    إن كان حيبب غاب عنا بجسده فإن روحه لن تفارقنا..وسيبقى حاضراً في قلوب الأردنيين ....أشكرك يا أخ علي على الكلمات الرائعة التي عبرت عن وجدان كل من أحب حبيب
    أخوك
    د.ماجد الزيودي
    جامعة طيبة/المدينة المنورة

  • 8 dr.nihad albatikhi 31-10-2012 | 08:58 PM

    ya alaaaaaaaaaaaaaaaaaah kam talmet w kam enhmrat dmoooooooooeeeeeeeeee , alaaaaaaaaaaaaaah kam kan rajol

  • 9 هاني العموش - ابو عدي 31-10-2012 | 09:47 PM

    ابدعت ياصديقي في مقالتك ووصفك ... رحم الله ناي العالوك وقيثارة الوطن التي مازال عشق حبيب للوطن يعزف على اوتارها فليحيا الوطن فليحيا الوطن ...إن ظلم حبيب في حياته وهذا حال المبدعين فإنه خالد في ذكره وشعره فهو ناي لعالوك وقيثارة الوطن التي مازالت اوتارها تعزف وتغني للوطن فليس كل غناء مسموع لأن الغناء الصامت لا يسمع اما اوتار قيثارة الوطن فإنها تسمع وهكذا هو حال حبيب وشعره

  • 10 احمد سالم الخزاعلة 01-11-2012 | 02:08 AM

    في قلبي دائما يا عمي.. لا اجد احدا احب تراب الوطن اكثر منك. العالوك تبكي لفراقك.

    المخلص لك دائما,
    احمد

  • 11 د. حسين الخزاعلة/ ابوظبي 01-11-2012 | 10:53 AM

    سلمت يا استاذ علي على هذه الكلمات المعبرة والتي نظمتها برثاء شاعر ورجل وطن قلما انجبن الاردنيات مثله في وقت يباع الوطن باطقم حمامات، كلماتك الرائعة ازدادت بهاء برثاء حبيب. لقد فقدت ارض الوطن بحجرها وطرقها وشجرها وينابيعها ، بنباتها ومائها ويابستها من كان يتغنى بها مثلما فقدت جبال العالوك الشامخه وهوائها العليل صوت حبيبها،الرحمة والغفران لحبيب انشاء الله

  • 12 ام عون 01-11-2012 | 12:19 PM

    كلام مؤثر نابع من القلب يا دكتور علي " عبّرت عن مافي الصميم" انه خسارة للوطن
    رحمه ُ الله واسكنه فسيح جنانه,,,,,,

  • 13 د. تيسير المشاقبة/دائرة المطبوعات والنشر 01-11-2012 | 12:34 PM

    أحسنت ابا ابراهيم بهذا المقال الرائع ،ورحم الله فقيدنا وفقيد الاردن الشاعر حبيب الزيودي .

  • 14 د. تيسير المشاقبة/دائرة المطبوعات والنشر 01-11-2012 | 12:34 PM

    أحسنت ابا ابراهيم بهذا المقال الرائع ،ورحم الله فقيدنا وفقيد الاردن الشاعر حبيب الزيودي .

  • 15 عبدالله علي القلاب 01-11-2012 | 01:25 PM

    كلمات معبره ومؤثره من اخ عرف حبيب وتزامل مع حبيب وكل من عرف حبيب سوف يحزن عليه لايام وليالي كثيره رحمك الله ابو محمد وصبرالله اهلك واصدقائك ومحبيك وشكرا يا دكتور علي على هذه الكلمات الكبيره بحق شعر الاردن الكبير

  • 16 ايمن المناصير 01-11-2012 | 03:00 PM

    رحمة اللة عليك يا حبيب الزيودي شاعر الاردن الكبير

  • 17 اختك العزيزة 01-11-2012 | 03:21 PM

    اخي الغالي قد نرحل في اجسادنا ولكن تبقى ارواحنا ستبقى روح حبيب الزيودي وشعره يعيش في قلوب جميع الاردنيين. فانت يا اخي قد علمتنا المحبة التي تبقى في قلوبنا.

  • 18 ايمان نزال 01-11-2012 | 03:27 PM

    رحمه الله فقيد الاردن شاعر الكلمة شاعر الوطن حبيب الزيودي
    وشكر لقلم الدكتور علي الخوالدة على مقالته الرائعة المعبرة المؤثرة في قلوبنا

  • 19 عمر عبيدات 01-11-2012 | 05:23 PM

    اوجعت قلبي يا اخي العزيز علي رحم الله حبيب واطال الله في عمرك

  • 20 سامي العسوفي 03-11-2012 | 02:14 AM

    ابكيتنا يا ابا ابراهيم ,ولكن حبيب سيبقى خالدا في صدورنا , وشامخا في ذكرياتنا , وسيبقى حبيب دام الشعر باقي بالحياه , رحمه الله عليك يا شاعر الاردن ويا ناي البراري .

  • 21 سامي العسوفي 03-11-2012 | 02:16 AM

    ابكيتنا يا ابا ابراهيم ,ولكن حبيب سيبقى خالدا في صدورنا , وشامخا في ذكرياتنا , وسيبقى حبيب دام الشعر باقي بالحياه , رحمه الله عليك يا شاعر الاردن ويا ناي البراري .

  • 22 ذكريات صالح الخوالدة 13-11-2012 | 09:22 PM

    سَلِمَتْ أنامِلُكَ يا أبا إبراهيم ورَحِمَ الله صديقك والحبيب في قلوبنا وروحه بيننا التي تميّزت بالأصالة وفي القدرة الهائلة على التكيّف والتجاوز والحب والعطاء، وتقبّل الآخرين على ما هم عليه لا على ما ينبغي أن يكونوا، وبولاء لا حدود له لأسرته ولدينه ومبادئه ولوطنه، وقدرته على إستيعاب كافة متناقضات الحياة، دون أن يترتّب على ذلك أي اختلال في شخصيته التي تتميّز بالتكامل ....... أبكيت قلوبنا يا دكتور ياصاحب القلب الكبير نشكرك على هذه الكلمات الرائعة في حق أحد قامات الشعر. لا نستطيع إلا أن نقول... رحمه الله وأدخله فسيح جنانه وألهم أهله الصبر والسلوان ..........


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :