إن الظروف الصعبة والمتسارعة في المنطقة وكذلك الظروف الداخلية في الأردن تجعل الأردنيين في حالة ترقب لبضعة أشهر قادمة على الأقل ، فهم يراقبون الوضع في سورية حيث شلال الدم القاني ينزف صباح مساء ، ولأننا الاقرب لسورية كما نحن الأقرب لفلسطين فإننا لا نعتبر الشأن في سورية لا يعنينا فهم أهلنا وجيراننا وأنسباؤنا وأصهارنا ، والأردن أكبر بلد مضيف للإخوة السوريين ، وأبناؤهم غصت بهم مدارسنا وبالأمس اتخذ مجلس أمناء الجامعة الأردنية قراراً بمعاملة الطلبة السوريين معاملة الطلبة الأردنيين .
إننا نتساءل : هل سيقع التغيير ؟ من هم القادمون ؟ أم أن التغيير لن يقع ؟ وستسجل الجرائم التي وقعت في ملفات الحفظ ؟ وإذا قام نظام جديد في سورية كيف ستكون علاقتنا به ؟ هل هو الوئام بعد الكيد والخصام الذي عاش عليه نظام البعث ؟
كل الأردنيين ليسوا مع دخول الأردن صراعاً عسكرياً مع النظام السوري ، وهم كذلك مع تقديم يد العون للفارين بأرواحهم ، وهم كذلك مع عودة سورية إلى الأمن والاستقرار .
ليس أمام الأردنيين إلا تأييد خطوات دولتهم تجاه سورية ضمن هذه المحددات وانتظار ما ستسفر عنه الأشهر الماضية ، والأردنيون لا يريدون أن يقع أي خلل في بلدهم ولا يمكن أن يؤيدوا أي فرد أو حزب يدعو للصدام والتوتر لأن الأمن أمنهم فقد بنوا هذا البلد الفقير بمقدراته ولا يمكن أن يسمحوا لأحد بتخريبه لأنهم واعون أن الأردن لأبنائه كل أبنائه ، والأردن وأبناؤه لأمتهم وهذا ليس شعاراً بل تطبيقا عبر عشرات السنين حيث كان التهجير من كل الجهات ، فكيف سيبقى هذا الوطن لأمته إذا أخل بأمنه واستقراره ؟؟!! والأردنيون يحترمون أحزابهم التي تقف مع الوطن حتى لو اختلفت مع الحكومة ، فالحكومات عندنا عابرة للزمن لكن الوطن هو الباقي ولا يمكن أن نسلم الأجيال وطناً مدمراً وأمناً منهوباً وعبثاً سياسياً يمارسه مغرضون أو مراهقون في السياسة !! نعم نحب أن يشارك الجميع في الانتخابات وأن يقف موقفاً ايجابياً كما تقف معه الدولة حين تموله بخمسين ألف دينار كي يفكر للوطن لا كي يدمر الوطن أو يشكك فيه ، ومع هذا فالديمقراطية الأردنية تقبل حتى الآن من يريد المقاطعة لأسباب هو يراها رغم عدم قناعة الأغلبية بالمبررات التي تطرح ، قاطع إن رأيت ذلك مناسباً لك ولحزبك ولكن لا يقبل منك باسم المقاطعة أن تعرض أمننا واستقرارنا لرهان سياسي خاسر سلفاً ؛لأن الغالبية العظمى لن تقبل منك العبث.
نعم طريقنا واضح حيث ستجرى انتخابات ولا يعقل أن تكون إلا نزيهة وسيظهر للوجود برلمان لا يجوز لأحد أن يطالب بحله لأنها إرادة الذين ذهبوا إلى صناديق الاقتراع ، أما من اعتكف في بيته في يوم الانتخاب فلا يجوز له أن يحكم على المجلس ويقيمه لأن سلبيته كانت عامل هدم لا عامل بناء
وعند ظهور المجلس ستظهر حكومة برلمانية أو انعكاس للبرلمان وستنطلق عجلة البناء وبخاصة البناء الاقتصادي كي يكون الوطن قادراً على مواجهة التحديات.
أيها الأردنيون باركوا بلادكم وساعدوا وطنكم الذي قدم لكم فقدموا له كي يبقى الوطن معطاء لأبنائه ولأمته .
(العرب اليوم)