رد على الحموري .. قرار الملك بحل مجلس النواب ليس قرارا أداريا قابلا للسحب
23-10-2012 07:24 PM
عمون - نقلت وسائل أعلام وقوى سياسية أردنية عن الزميل العزيز الدكتور محمد الحموري فتوى قانونية أعتبر فيها قرار حل مجلس النواب قرارا أداريا قابلا للسحب خلال ستين يوما , وأعتبروا ذلك الرأي مخرجا قانونيا لأعادة مجلس النواب المنحل وتعديل قانون الانتخاب بما يؤدي الى الغاء الحركة الاسلامية قرارها بمقاطعة الانتخابات .
فان صح ما نقل عن الاستاذ الحموري أعتبار قرار الحل قرارا أداريا فان السؤال الذي يطرح نفسه أبتداء : هل يمكن لوزير أقاله الملك بموجب صلاحياته في المادة 35 من الدستور أن يطعن بقرار الاقالة الى محكمة العدل العليا ؟؟ وهل من حق رئيس الوزراء أن يطعن الى محكمة العدل العليا بقرار الملك أقالة الحكومة باعتباره قرارا أداريا قابلا للسحب أو الطعن ؟؟ .
وقد يقول قائل أن القرار الاداري قد يكون صحيحا وتتراجع عنه الجهة التي أصدرته بارادتها المنفردة وقد يكون محصنا أو قابلا للطعن , فان كان صحيحا ولم ترغب الجهة التي أصدرته بالتراجع عنه فان ذلك لا ينفي حق الطعن والرقابة القضائية على القرار فما نراه صحيحا قد يراه غيرنا مخالفا للقانون أو تجري عليه أسباب الطعن الواردة في قانون محكمة العدل العليا , ومن هنا فان أعتبرنا قرار الملك بحل مجلس النواب – كما يرى الاستاذ الحموري – قرارا أداريا قابلا للسحب فان قرار الملك باقالة الحكومة أيضا قرار أداري قابل للسحب وقابل للطعن أيضا باعتبار أن الوزراء موظفين عموميين وقد منح قانون محكمة العدل العليا لها السلطة في الرقابة على قرارات عزل أو تقاعد أو فقدان الموظفين العموميين لوظائفهم .
ان قرار حل مجلس النواب وقرار أقالة الحكومة وردتا ضمن القسم الاول من الفصل الرابع من الدستور ( الملك وحقوقه ) وبالذات في المواد 33 و 34 و 35 من الدستور وهي صلاحيات الملك التي يمارسها كسلطة حكم وليس كسلطة أدارية . . ناهيك عن أنه بموجب سلطة الحكم أيضا غير قابل للتراجع – السحب – باعتبار أن الدستور الاردني رتب طريقا واحدا لعودة مجلس النواب المنحل وهي عدم أجراء الانتخابات خلال الشهور الاربعة التي تلي تاريخ حل المجلس فيستعيد المجلس السابق سلطاته ويجتمع كأن الحل لم يكن – المادة 73\2 ) من الدستور .
وعلى سبيل المثال فقد سبق أن نظرت المحكمة ( الكلية ) الكويتية في قرار مشهور- أستعرضت تفاصيله في أوراق العمل المقدمة في المؤتمر الثاني لرؤساء المحاكم الادارية العربية المنعقد في دبي خلال شهر ايلول الماضي - بطعن على قرار أمير الكويت حل مجلس النواب بناء على تنسيب من الحكومة وجاء في القرار ما يلي ( فان المحكمة تحدد مدلولات هذه المراسيم والقرارات التي سبقتها من مجلس الوزراء والمطعون عليها من المدعي , وتبدأ بالمرسوم رقم 443 لسنه 2011 بشأن حل مجلس الامه وما سبقه قرار مجلس الوزراء بطلب حل مجلس الامه ورفعه لصاحب السمو فإن البين أنها قد صدرت جميعها من السلطة التنفيذية تنظيما لعلاقتها بالسلطة التشريعية باعتبار أن السلطة التنفيذية ممثله بصاحب السمو أمير البلاد وباعتباره السلطة السياسية الحاكمة للدولة ومعه مجلس الوزراء تقوم بعملها كسلطة حكم وليس كسلطة إداريه وذلك وفقا لما تتمتع به من سلطه تقديريه لبحث وموازنة الأمور الداخلية والتي تستهدف من ورائها مصلحه البلاد وذلك بغرض تنظيم العلاقة بين سلطات الدولة)
ان الفقه الدستوري مستقر على أن رئيس الدولة وحتى السلطة التنفيذية ( الحكومة ) تتخذ نوعين من القرارات الاولى قرارات أدارية قابلة للطعن وأخرى قرارات سيادية تتخذها كسلطة حكم , والقضاء في معظم الدول ومنها الاردن ومصر مستقر على أن القرارات السيادية غير قابلة للطعن
ولا يتسع المجال هنا لمناقشة أو عرض الاختلاف بين القرارات الادارية القابلة للسحب والطعن وبين القرارات السيادية التي تتخذها الحكومة أو رئيس الدولة كسلطة حكم وربما نكتفي بتعريف قدمه الفقيه القانوني الدكتور محمد واصل من جامعة دمشق في بحث منشور على ( الانترنت ) بقول (: إن أعمال السادة هي الأعمال التي تباشرها سلطة الحكم في الدول من أجل الحفاظ على كيان الدولة من أرض وشعب وسلطة بمواجهة أخطار خارجية ، أو مواجهات داخلية عامة، كتنظيم سلطات الدولة ونظام الحكم ، والعلاقة بين السلطات ، والنظام النقدي ، والأعمال المتعلقة بالدفاع، وعقد المعاهدات ، وإعلان الحرب والصلح والتنازل ، وتنظيم القوات المسلحة وتدريباتها، وإعلان الأحكام العرفية وإنهائها ، وكذلك الإجراءات والتدابير التي تتخذ في حالات الحرب والكوارث
الطبيعية من فيضانات وبراكين وزلازل وأوبئة وجوائح وغيرها. كما أن نظرية أعمال السيادة ، شأنها في ذلك شأن معظم نظريات القضاء الإداري الفرنسي ،هي من صنع مجلس الدولة الفرنسي ، وكانت وليدة الحاجة ومقتضيات العمل ، حيث يكون لبعض الأعمال التي تقوم بها الدولة أهمية خاصة ، فإنه من مصلحة الوطن ألا تعرض مثل هذه القضايا على القضاء ، كما أنه قد لا يكون من مصلحة الحكومة عرضها على الجمهور) .