نريد الإصلاح، وعيوننا مفتوحة على من يهدد البلاد!
باتر محمد وردم
23-10-2012 04:51 AM
تذكرنا الأحداث الساخنة التي جرت في اليومين الماضيين على الساحة الأردنية بأن الأمن ليس أمرا يمكن أن يؤخذ على محمل الضمان دائما، وأن جهدا كبيرا يجب أن يتم بذله يوميا ومن قبل كافة كوادر وقيادات الأجهزة الأمنية للحفاظ على قيمة الأمن، وهي قيمة فقدتها الكثير من الدول العربية مؤخرا وربما لن تستعيدها في المستقبل المنظور.
المضي قدما في المسار السياسي الإصلاحي أمر حيوي للبلاد وكذلك تخفيف الهيمنة الامنية على بعض المحاور السياسية والشعبية وربما أيضا الأكاديمية والمهنية، ولكن لا يمكن السماح بالانزلاق إلى حالة تتراجع فيها “قوة الردع” الأمنية ليحدث اختراق خطير في مساحة الأمن الداخلي للأردن. خلال سنتين تقريبا تمكنت الأجهزة الأمنية وبخاصة الأمن العام من تحمل مسؤولية سياسية بالغة الخطورة في حماية المسيرات والنشاطات السياسية وعدم الاشتباك مع المتظاهرين وايذائهم وهذا تطلب الكثير من الصبر والتدريب والاحترافية العالية التي طغت على أداء الامن العام باستثناء بعض الحالات القليلة والفردية.
وإذا كانت المطالب بتخفيف القبضة الأمنية على الحياة السياسية الأردنية محقة فإن من الضروري عدم السماح بأي تهاون في متابعة وملاحقة الخلايا والتنظيمات ذات الطابع الإرهابي والمؤذية لحقوق الناس والممتلكات العامة والخاصة حيث تتزايد تهديدات الجهات المرتبطة عقائديا وربما تنظيميا مع تنظيم القاعدة وخاصة في ظل التطورات الخطيرة في سوريا. بغض النظر عن مواقفنا المختلفة تجاه النظام السوري والثورة السورية والمجموعات التكفيرية والمتطرفة التي تسللت إلى سوريا للقتال ضد النظام فإننا نتفق جميعا على أن خطورة التهديدات الإرهابية قد زادت.
لقد بقي الأردن دائما الجهة المستهدفة بشكل متواصل من قبل تنظيم القاعدة بالرغم من التغيرات الغريبة التي شهدتها الساحة السياسية العربية مؤخرا. في السنوات التي تلت سقوط النظام العراقي السابق كانت مجموعات تكفيرية وجهادية تابعة للقاعدة تدخل العراق بشكل مستمر بتنسيق مع المخابرات السورية بحيث كان القادة السياسيون في العراق يتهمون سوريا بالوقوف خلف الإرهاب في العراق وفي هذا السياق جاءت التفجيرات الإرهابية في عمان 2005 والتي تبناها تنظيم القاعدة بزعامة الزرقاوي. الآن أصبح تنظيم القاعدة يحارب الجهة التي تبنته وهي النظام السوري والذي بدوره بات يحظى بدعم من العراق والذي يحارب ايضا تنظيم القاعدة، وفي مكان ما من هذه المعادلة المعقدة يبقى الأردن هدفا لإرهابيي القاعدة الذين اصبحوا الآن في الحدود الشمالية بدلا من الشرقية.
الاشتباكات التي شهدتها الحدود الشمالية يوم أمس ونتج عنها استشهاد العريف محمد المناصير العبادي هي ايضا حادثة تفرض حالة جديدة وأكثر صرامة من الأمن على الحدود الأردنية-السورية حتى لو تطلب الأمر إعادة النظر في سياسة استقبال الأخوة السوريين الهاربين من وطأة المعارك في بلادهم، فلا نريد لحدود مفتوحة نسبيا أن تصبح هدفا مغريا للتنظيمات والجماعات التكفيرية التي تريد أن تعيث فسادا في المنطقة ومنها الأردن. سيكون علينا الاستمرار في إحداث التوازن المطلوب ما بين تقديم العون الإنساني للأخوة اللاجئين السوريين وفي نفس الوقت التعامل بالصرامة والقسوة الضرورية مع كل من يستهدف الأمن الوطني الأردني سواء كان من النظام السوري أو التنظيمات التي تحاربه.
رحم الله شهيد الواجب محمد المناصير الذي قدم نموذجا حقيقيا للتضحية والانتماء، وكل التحية لنشامى الأجهزة الأمنية الذين قبضوا على الخلية الإرهابية. نريد الغصلاح والديمقراطية ولكن يجب أن تبقى عيوننا مفتوحة لكل من يتربص سوءا بهذا البلد وأهله.
batirw@yahoo.com
الدستور