الإرهاب يعدي كأيّ مرض معدٍ. والديكتاتورية تعدي والديمقراطية كذلك. وأن يعود إرهابيون إلى بلدهم بدءاً من العراق إلى سوريا، فتلك دائرة العدوى ولعلها تكون كافية لفهم الذين يتهمون بلدهم بتصدير الإرهاب إلى سوريا وذلك دفاعاً عن نظام الطغيان والقتل والحقد.
فهم لا يريدون فهم نظامهم السياسي، فالأردن لا يتدخل في قرار السوريين.. لا يسلّح ولا يموّل، ولا يقدم الوعود للمعارضة ولا للنظام. ونحن لا نؤمن بأنّ أحداً يستطيع التدخل في سوريا لتغيير نظامها من الخارج. إذا لم يكن السوريون مستعدين للثورة والتغيير!!.
ونعود نقول: الإرهاب ليس عقيدة دينية، رغم أنه يتوسل الدين. إنه نتيجة شحن داخلي وعربي ودولي هدفه اغتصاب إرادة الأُمّة. فلا أحد يستطيع فصل الإرهاب في أفغانستان عن السياسة الأميركية أثناء الحرب الباردة، ولا يستطيع فصل الإرهاب عن الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على العراق.
هذا الشحن أيام الجهاد ضد الكفرة السوفيات، أنتج القاعدة، وكان من الطبيعي تحالف القاعدة وطالبان. وهو ذاته الشحن ضد صدام حسين فكان من الطبيعي ان تقوم الحرب بين العراق وايران, ومن الطبيعي أن نشهد طيلة سنوات استقبالات الخارجية الاميركية لزعماء حزب الدعوة, وأحمد الشلبي, وآيات الله وقادة فيلق القدس, ودون اسرار فقد رصد الكونغرس في موازنة الدولة 400 مليون دولار سنوياً لاسقاط صدام حسين. وحين فشل الشحن الايديولوجي الديني الطائفي قامت الجيوش الاميركية باحتلال العراق واستحضار حكامه الجدد من اصدقاء اميركا, وأحباب ايران. فأدى ذلك الى الحرب الطائفية بالارهاب والارهاب المضاد!!
ذقنا طعم الارهاب المر في فنادق عمان, وكان الانتحاريون من العراق, ومع ذلك فلم نستبعد ان يكونوا اردنيين, وامسكت المخابرات ببعضهم, وها هي تمسك بعدد منهم, وفي اليوم ذاته يقتل حرس الحدود اربعة ويهرب الباقون الى داخل سوريا!!
ونقول للذين احترفوا التحريض, والشحن العاطفي, والاستقواء على الوطن: انتم تحرضون وتشحنون وتستقوون باسم الاصلاح, لكن المحصلة هي انكم تحطبون في حبال الارهاب, والقوى الدولية التي تعمل على ضرب المنطقة العربية من الداخل, وتفتيتها وتدمير روحها القومية وقيمها ليكون العرب غنماً يُهشُّ عليها بالعصا!!
اليوم يصرح واصف عازر، رئيس مجلس إدارة شركة الفوسفات فيما يشبه الاستغاثة. فالتحريض، والحقن والشحن أدى إلى قطع المياه عن مجموعة مصانع، وقطع الكهرباء عن مصانع الكيماويات بخسائر قدرها بـ25 مليون دينار، وتأخير الشحن من ميناء العقبة لأن الاخوان يريدون زيادة الرواتب بالابتزاز وليس بالنقاش وفهم الآخر. وهذا نمط من الإرهاب سكتت الدولة عليه فتوقف الانتاج، وهرب المستثمرون.. وصارت نفوس العمال حامضة فكثر قعودهم وقلّت إنتاجيتهم!!.
قد يكون ما سيكتشفه التحقيق مع الجماعة الإرهابية، درساً للأردنيين ليتوقف البعض القليل عن تسويد وجه الوطن والتحريض عليه. فتصدير الفتنة السورية لا يكون إلا من الداخل.. ولبنان لا يعاني الآن من النظام السوري، وإنما من الفوضى الداخلية ورموز التبعية!!. (الرأي)