التغريبة السورية الحلقة الخامسة

• 524 مليون ونصف كلفة وجود اللاجئين تحملتها الخزينة.

•انقطاع الوجبات الجاهزة عن المخيم منذ اربعة ايام.

• فرار العديد من المخيم .

• 38248 لاجئا سوريا في المخيم.

•عزل المنظمات الدولية بأسلاك شائكة.

عمون  (مخيم الزعتري) –  شهيرة خطاطبة ومحمد ابو حميد -  تُحرّك أم احمد (40 عاما ) الحساء ببطء وهي شاردة الذهن عندما دخلنا المطبخ الرث المبني من  (الطوب) .، التفتت الينا وتوجهت بسؤال لم تخلو نبرته من الغضب " انتم صحافة؟" ، اتبعت حديثها الممزوج بالألم " تعالوا شوفوا عيشة الكلاب التي نعيشها".

 

تقول ام احمد أن المفوضية العليا للاجئين اوقفت الوجبات الجاهزة منذ اربعة ايام بذريعة أنها وُزّعت طرودا ليتمكن اللاجئون  في مخيم الزعتري من الطبخ بمفردهم.

 

االسيدة  الأربعينية ام لتسعة حالها حال  جاراتها ام محمد وام بشار اللتين يشتبكن في بعض الاحيان مع نساء اخريات لحجز دور بُغية الطبخ بحسب ما روين لفريق عمون.

 

تقول ام احمد " نتناكف يومياً مع نسوة المخيم لطبخ أرز لا يؤكل أصلاً " وأخذت حبات منه وعرضتها لنا وبدت فعلاً مُقسمة ومهترئة وذات نوعية رديئة حالها كسائر محتويات الطرد الممتليء بمعلبات من النوع الرخيص  ثمناً وذات جودة متدنية ( جبنة ، تونة ، حمص ، ، زيت قلي) لا يتعدى سعرها مجتمعة دينارا اردنيا.

 

في المخيم  الصحراوي بمنطقة الزعتري زرعت خيام ٌ تُقدّر بـ  4500 خيمة  لتأوي 38248  لاجئا سوري فروا من بلادهم بسبب احداث العنف ونيران الأسلحة والعدد في ازدياد - بحسب الاحصاءات الرسمية ، وتلك الخيام  سريعة الإشتعال حيث صُنعت من القماش البلاستيكي الرقيق ، كما يوجد في المخيم 350 كارافانا ( بيوتا جاهزة) ترتفع درجة حرارتها وسط حمأة لقيض يصعب العيش فيها أو التعايش معها.

منظمات معزولة  بأسلاك شائكة وحراسة امنية خاصة

معالم المخيم تغيرت بشكل لافت منذ اخر زيارة لعمون قبل شهر، فتم عزل "المنظمات الانسانية " العاملة بسياج شائك مزدوج  بعلو 3 امتار تقريبا – محشوة بأسلاك ملتفة وشائكة، يخيل لناظرها أنه أمام سجن حصين يصعب الفرار منه لامر الذي تفتقره المؤسسات الاخرى  العاملة في المخيم كالمستشفيات العسكرية.

 

وعند محاولة "عمون" مقابلة مسؤولي المفوضية  في المخيم همّوا بالانطلاق الى عمان مُعتذرين بانتهاء دواماتهم ، وتم تحويلنا الى الناطق الاعلامي باسم المفوضية  علي بيبي  ، الذي أفاد بشأن المطابخ أن المفوضية وفرّت 91 مطبخا مُعداً بكافة التجهيزات تشمل "المؤن الجافة"  تعمل على توفير 360 مطبخا مع الايام المقبلة.

 

ونفى بيبي ان تكون المنظمات معزولة أو حتى محاطة بأسلاك شائكة لدواعٍ امنية وقال "ذلك يعود لاسباب تنظيمية فقط وان الاسلاك الشائكة تحيط بمستودعات تابعة لبرنامج الغذاء العالمي (WFP) " ، مُبرراً هذه الاجراءات تعرض هذه المستودعات للاقتحام والسرقة لعدة مرات الامر الذي وافقته  فيه فاتن الهندي من برنامج الغذاء العالمي.

 

وقالت الهندي بشأن انقطاع الوجبات "إن استبدال الوجبات الساخنة بمؤن جاء بناءً على قرار المنضمات الاممية مجتمعة ونزولا عند رغبة اللاجئين السوريين انفسهم " ، وبينت في اتصال هاتفي مع "عمون" ان القرار اتخذ بعد دراسات كثيفة وطلب من السوريين انفسهم وقد تم الاجتماع مع ممثلين عن السوريين منتخبين من اللاجئين وهو الأمر الذي لا علم للسوريين في المخيم به .

 

وتابعت " البرنامج العالمي للغذاء عاين المطابخ وتأكد من جاهزيتها وبعدها تم توزيع مواد جافة الامر الذي اسعد السوريين" ،  واستطردت بالقول أن كلفة الاغذية التي قامت المنظمة بتوزيعها حتى الان على السوريين تتعدى 30 مليون دولارا منذ 19 نيسان الماضي.

  

المطبخ الذي دخلته "عمون" مكون من ستة اعين غاز  ذات مرجل ، ثلاثة منها تعمل والاخرى معطلة، ومطابخ اخرى غير مجهزة وخاوية ولا يمكن التعرف عليه الا من كلمة مطبخ طبعت على الباب الخارجي.

 

* المخيم :

 

يعلق مدير المخيم محمود العموش على الامر بأن القائمين على هذه المنظمات طلبوا عزلهم عن جسم المخيم واستعانوا بافراد حماية خاصة بهم لتأمينها ،  منوها  الا أن العزل جاء بعد  سلسلة من احداث الشغب التي اندلعت في المخيم وحرق على إثرها عشرات الخيم و جرح العشرات من ابنائه وقوات الدرك الاردنية في محاولة للسيطرة على الوضع.

 

كل شارع في المخيم والذي يحوي 100 خيمة على الجانبين  يحوي على اربعة مطابخ اثنين منها  فارغة ولا تعمل والبقية  بعض الغازات فيها معطلة بحسب ما رصدت عمون.

* شكاوى من تقصير المنظمات 

ينتقد قاطنو المخيم المنظمات العالمية والهيئة الخيرية  بشدة  بل يتهمونها بـ "التقصير" و"المعاملة "الفجة" و"سوء التوزيع" - اذ يوجد مركز واحد فقط لتوزيع المؤن- بحسب العديد من ابناء المخيم وغالبيته من النساء والاطفال - .

 

 يؤكد العموش  لـ "عمون" أن عمل المنظمات غير كافٍ وتعاني قصوراً في التوزيع وسوء الادارة ، موضحاً أن الهيئة مسؤوليتها تنظيم عمل هذه الهيئات (ادارة المخيم) ليس إلا وأنها تقدم في أحيان كثيرة معونات كتوزيع 2700 طرد ملابس مع قدوم الشتاء.

 

وتعاني الهيئة  بحسب العموش من ضغط العمل اذ يعمل العشرات من كادر الهيئة  على ثلاث فترات (A,B,C) لتنظيم المخيم وزواره، مستطردا  انه تم تكفيل 3500 سوريا من المخيم منذ افتتاحه قبل ثلاثة شهور تقريبا.

 

ويستقبل المخيم 4000 زائراً  يومي الزيارة المخصصة اسبوعيا  لاقرباء اللاجئين الذين يمنعون من الخروج من المخيم الامر الذي يدفعهم احيانا للهروب منه املا في حياة افضل خارج اسواره.

 

* 524 مليون ونصف كلفة وجود اللاجئين  :

 

مسؤول اللجنة العليا لشؤون السوريين في المملكة انمار الحمود أشار أن كلفة وجود اللاجئين السوريين على الاراضي الاردنية وصلت الى    524 مليون ونصف دولارا أمريكيا وتحملتها خزينة الدولة منذ بداية الازمة السورية ، وبين أن المبلغ مقسم على المواد الغذائية المدعومة والتي بلغت  67 مليون دولارا ، والنفقات الجارية المباشرة 131 مليون دولار، والنفقات الرأس المالية  (المدارس ، توليد كهرباء، والماء ) 325,7 مليون دولارا.

 

ويستهلك اللاجئون يوميا  ما يقرب الالف الالتار من  المياه تسحب من مياه المفرق، و6,5  طن من الخبز المدعوم  وانتاج 50 طن  نفايات يوميا  ترسل الى مكب نفايات المحافظة بحسب احصائيات مسؤولي المخيم.

 

الحمود ابلغ " عمون"  ان اللجنة غير راضية عن هذه المطابخ وانها نقلت هذا الامر للمنظمات المسؤولة ، وقال " نحن كإدارة لمخيم غير مقتنعين بهذه المطابخ وليست بالمستوى اللائق ولا ترقى لتكون في مخيم وقد نقلنا هذه الصورة للمنظمات المسؤولة".

 

وأشار أن اللجنة تسعى للنهوض بمستوى الخدمات المقدمة للاجئين  من خلال الاجتماع  الذي عقد في وزارة التخطيط من أجل النداء للمنظمات الدولية والدول المانحة للتبرع  والتخفيف من مأساة اللجوء.

 

تعددت الاسباب التي تدفع السوريين للاحتجاج وفي بعض الاحيان "الشغب" لكن جمعتهم معاناة اللجوء ومرارة  الفرار من نيران الاخوة وروابط الدم تاركين بيوتهم التي وصفتها ام احمد "بالقصور"  لتتعارك ونظيراتها مع النساء الاخريات للحصول على دور في المطبخ المزعوم  في المخيم الصحراوي او "حفاظات" للرضع او حتى شربة ماء تظن انها قد تسد رمق ابنها - الذي لم يتجاوز العشر سنوات الذي طأطأ رأسه خجلا عندما وجهت اليه نظراتها  وهو يحلم بغد افضل.

 

 

وللقصة بقية ...

لقراءة الحلقة السابقة الرجاء الضغط هنا