facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




دعونا نعود للمجتمع الان ..


د. اسامة تليلان
21-10-2012 01:04 PM

باستثناء محاولة واحدة جريئة اختزلت بعفويه مفهوم المجتمع المدني بفكرة الجمعية الخيرية ، كانت اجابة اربعين طالبا جامعيا على شكل صمت مطبق وكأنك تطرح سؤالا له علاقة بعلم الفضاء على طلبة دراسات انسانية.
الاربعين يشكلون عينه عشوائية عفوية ويقدمون صورة لطبيعة فهم المجتمع للمجتمع المدني كمفهوم واليات وقيم وارتباط بعملية التحول الديمقراطي وتشكيل صورة المواطنة السليمة.

في الاردن، لدينا رقم لا بأس به بالنسبة الى عدد المؤسسات التي تنطوي تحت مفهوم مؤسسات المجتمع المدني، وهناك جهات غربية تعمل منذ سنوات طويلة على تعزيز فكرة المجتمع المدني في المنطقة، لكن يبدو ان كل هذه الجهود وهذه المؤسسات تسير باتجاه لا يحدث تغيير موازي لحجمها في البنية المعرفية المجتمعية، مما يبقي المفهوم اسير ادبيات عامة ومؤسسات تحوصلت على ذاتها، وليس لها من العملية الا محاولاتها ضمان استمرار تدفق الدعم المالي الغربي وبضعة اعضاء لم يتمكنوا من التأثير حتى في اسرهم.

في الواقع، قد لا يقدم هذا العدد من مؤسسات المجتمع المدني التي تجاوزت الثلاثة الاف مؤسسة أي معنى جوهري، ان لم يكن المجتمع العادي قد تأثر بقيم ومفاهيم هذا المجتمع، والمفارقة اننا نتحدث عن رغبة مجتمع في احداث تحول ديمقراطي جذري وما زالت قيم ومفاهيم المجتمع المدني لا تشكل جزءً معبراً أو مؤثراً في ثقافته الجمعية.

القيم والاليات المرتبطة بالمجتمع المدني تشكل عوامل اساسية في عملية تجذير الديمقراطية وفي عملية الانتقال السلس اليها، واذا كنا نريد عبور باتجاه بناء نموذج ديمقراطي متوازن خارج عن حالات الاستعصاء والاستفراد والهيمنة ، فإننا بحاجة ماسة الى الذهاب لتجذير فكرة المجتمع المدني في البنية الثقافية العامة.
لا بل يمكن القول ان الثقافة المدنية التي تتضمن مجموعة من القيم ، التي تستند على قبول الآخر وقبول التنوع والتسامح والتراضي وإدارة الاختلافات سلمياً والتسليم للأغلبية والاحتكام للقانون واحترامه ووجود مجتمع تعددي وقوى سياسية وايدلوجية متعددة في اطار سلطة تشريعية فاعلة، باتت تشكل مطلبا اساسيا لتكون بديلا عن تنامي ثقافة العنف والتعصب والانغلاق ورفض الآخر وتنامي النزعات والولاءات الضيقة على حساب الولاء الوطني العام.

المجتمع المدني وثقافته ليست مجرد حلما او وصفة طيبة السمعة تسبح في فراغ وليست فكرة ترفيه نتركها فقط لمؤسسات تغربت عن اهلها ولا تملك تأثيرا فيهم، هذه الفكرة بحاجة لان تحملها الدولة بكافة مؤسساتها لتحولها على هدف استراتيجي تسعى الى تحقيقه من خلال جدول زمني واضح، فمخاطر التحول الى الديمقراطية في غياب الثقافة المدنية اشد من البقاء بدونها (الديمقراطية)، لانها بذلك ستفقد احد اهم اركان سلميتها وقدرتها على صهر الناس في اطار مفهوم عام للمواطنة، ويصبح التحول حينها قفزة في المجهول او الفوضى.
هذه المرحلة بكل تحولاتها ومتغيراتها عربيا واقليميا ودوليا تؤكد على اننا لا بدا وان نعود للمجتمع قبل فوات الاوان، فالتحول نحو الديمقراطية في المنطقة سيبقى حقيقة ثابتة بغض النظر عن جدوله الزمني، وعلينا بعد ان فقدنا عقدين كاملين ان نبدأ بالتحضير لكي يكون هذا الانتقال سلسا ومتوازنا وله روافع مجتمعية، وليس اقلها من البدء بدمج مفهوم المجتمع المدني وقيمه والياته في مناهجنا التعليمية في مستوياتها كافة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :