أريد حلا: من هو "العدو"؟ من هو "الصديق"؟ في أردننا اليوم!
امّا في "الزعامات" فنقول:
في الوقت الذي تتقلّب فيه القلوب والابصار, تتقلب فيه "الرجال" تلو "الرجال", و"الزعامات تلو الزعامات", تقلب الليل والنهار, تقلب الايمان في قلوب المنافقين, تقلب العرب في حب فلسطين. ما ان استبشرنا ورفعنا قبعتنا لشخص ما بسرعة 100 كم في الساعة حتى انزلناها بسرعة 200 كم في الساعه ... وفي ذات الساعه! وما ان رفعنا سيفا عاليا اجلالا لخطاب جلل حتى اغمدناه وكسرناه وعلقناه مغمدا مكسورا ومهزوما على جدران بيوتنا ديكورا, سرّة للناظرين. وما ان ضربنا تحية اكبارا واجلالا لموقف "قيادي" ما, حتى ضربنا موّالا على خيبة امالنا في موقف هذا القائد وموقفنا منه قبل ساعات او ايام! ارهق الشعب من زخم التمارين السويديه في الرفع والخفض والانحناء والاستقامة, ما بين الاكبار والانكار, تكرارا وتكرارا!
اما في الشعب السحّيج "المسكين" ... و"المش قليل برضو" فنقول:
أهم ما يميّز عنصر الصدمة والمفاجأة في مسلسل "الربيع الاردني" اليوم, هو كون "الجاني والمجني عليه", الغادر والمغدور, الضاحك والمضحوك عليه, وصاحب الوجه والوجهين والثلاثة والاربع, في أغلب الأحيان يكاد يكون نفس الشخص ويعود لنفس الاعب والممثل...... انه منّا وفينا وبين ظهرانينا... انه" المواطن" فقط لاغير. الشعب يضحك ويراوغ ويمثل على نفسه, ومن هنا فان مقولة "الشعب" يريد اسقاط "الشعب" تعد واقعية وغير مستغربه للاسف! فاذا كانت للحكومات دور في صناعة "المشاكل", يبدو للاسف ان "الشعب" يلعب أيضا دور ليس في صناعة المشكلة ولكن في حل "المشكلة" والمشاكل التي افرزتها الحكومات بطريقة ارادية او غير ارادية. فالذي يتصدر ويؤجج المظاهرات ويطالب في الاصلاح, وخفض الاسعار, ونبذ المحسوبية في اوج النهار, هو ذاته الذي يعزز المحسوبيه والجهوية, في عتمة اليل, عندما يمس الاصلاح الذي كان يطالب به في النهار, احد اقاربه أوالمحسوب عليهم. وعليه فهو يطالب بالاصلاح في الامور التي تمسه مباشرة وبجزئية معينه وضيّقه ليس أكثر ولا يهمه كثيرا الاصلاح الشامل الذي يهم الوطن بالمجمل. ومن هنا أصبح المواطن منقسما على نفسه قبل أن ينقسم على وطنه ومصالحه وعلى عملية الاصلاح التي يعتقد انه يطالب بها. الشعب وما افرزته من قيادات لا يلصق ابدا مع مبدأه وفي منطقه وفي منهجه وفي طموحه وفي رؤيته... لا يلصق ابدا!!
الخلاصة: "كل شيغن انكشف وبان" ..." الشعب" خطر على الوطن ايضا!
الحدث السياسي الاردني يشوبه كثير من الغموض والضبابيه. على عكس الدول المجاورة الاخرى, وبالرغم من كونها افظع حالا واشد سوءا من أوضاعنا, الا انها اقل غموضا ولبسا عن حالتنا, خاصة عند النظر في الاطراف "المتنازعه". اذ أن الحالة الاردنية يصعب في كثير من الاحيان الفصل بين "المعارضه" و"الموالاة" من حيث الاشخاص لا من حيث الافكار. ضبابية الوضع عندنا تتمحور في حقيقة ان "معارض" الأمس و"موالي" اليوم و"معارض" الغد هو ذات الشخص في كثير من الاحيان. ومن هنا, ينتقل ايضا الاردنيون من مرحلة مشكلة الاصلاح الى مرحلة مشكلة في الاصلاح, حيث أصبح الداء والدواء وجهان لعملة واحدة وعنوان لمرحلة اليوم. لا ننكر أن الحكومات المتعاقبة عملت على خلق "المشاكل" والاحباطات والانتكاسات بشتى الوانها التي نعيشها اليوم, وقد نالت ما نالت من انتقادات, ولكن ما يؤرقنا ان نرى "الشعب" أصبح جزءا من "مشكلة للحل" ويشكل تحديا كبيرا للوصول الى "حلول" اليوم ليشكل أيضا العقبة الرئيسية للخروج من الازمة الراهنة, لا يقل خطورة عن الاداء الترهل والضعيف للحكومات المتعاقبة.